ما حكم الصلاة على المنتحر فى الإسلام وهل يعد كافرا؟ الإفتاء توضح

مع تزايد التساؤلات حول موقف الإسلام من المنتحر، خاصة في ظل معاناة البعض من أمراض نفسية وضغوط حياتية فهل يجوز الصلاة عليه وهل يعد كافرا؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية في بيان فتواها ، بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقول النبي ﷺ: «ومن قتل نفسه بشيء عُذِّبَ به يوم القيامة» (متفق عليه).وأكدت لجنة الفتوى أنه ومع كون المنتحر مرتكبًا لكبيرة إلا أنه لا يجوز وصفه بالكفر والخروج عن الملَّة، بل يُغسَّل ويُكفَّن ويُصلَّى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؛ ويُدعى له بالرحمة والمغفرة، ومع ذلك لا ينبغي التقليل من إثم هذا الجرم العظيم، ولا خلق مبررات له، ويجب على مَن شعر بمقدماته كمريض الاكتئاب أن يسارع إلى اللجوء للأطباء المختصين لمساعدته على العلاج وتجاوز أزمته.
آراء العلماء في هذه المسألة:
تعددت أقوال العلماء في حكم الصلاة والدعاء للمنتحر وفي ذلك
أولا الصلاة على المنتحر:
الرأي الأول :في بعض المدارس الفقهية مثل المذهب الحنبلي، يُعتقد أن المنتحر لا يُصلى عليه. هذا الرأي يستند إلى الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده في نار جهنم خالداً مخلداً فيها” (رواه البخاري)، وهذه الأحاديث تعتبر انتحار الشخص كبيرة من الكبائر. لذلك، بعض العلماء يرفضون الصلاة على المنتحر من باب العقاب والاعتراف بحجم الجريمة.
• الرأي الثاني : هناك علماء في المذهب المالكي والشافعي الذين يرون أن الصلاة على المنتحر جائزة، بشرط أن يكون المنتحر مسلمًا وأنه كان في حالة نفسية قد تجعله غير مسؤول عن تصرفه بشكل كامل، مثل الإصابة بمرض نفسي أو عقلي. يعتقد هؤلاء العلماء أنه حتى لو كانت فعلة الانتحار كبيرة، فإن رحمة الله واسعة وقد يغفر للإنسان إذا تاب أو كان في حالة لا يستطيع فيها التحكم بتصرفاته.
ثانيا الدعاء للمنتحر:
الرأي الأول :هناك من يرى أن الدعاء للمنتحر بالرحمة مغامرة ولا ينبغي فعلها بناءً على الأحاديث التي تشير إلى أن المنتحر مخلد في النار بسبب جريمته. ويرتكز هذا الرأي على التفريق بين الدعاء للمغفرة والرحمة والدعاء بالجنة، لأن المنتحر، وفقًا لهذه الآراء، لا يُستحق له ذلك بسبب ارتكاب جريمة قتل النفس.
الرأي الثاني:، هناك من يرى أنه يجب الدعاء للمنتحر بالهداية والمغفرة، وذلك لأنه لا يعلم أحد ما سيحدث للمنتحر بعد موته، وقد يكون له في الآخرة حال آخر غير الذي نتصوره. يمكن الدعاء له بالرحمة إذا كانت ظروفه تستدعي ذلك، مثل كون فعلته نتيجة لمرض نفسي، مع اعتقاد أن الله أرحم وأعلم من الجميع. أيضًا، من المهم أن ندرك أن الدعاء للمتوفى عمومًا هو أمر مستحب، حتى وإن كانت الظروف صعبة.
ثالثا: الرحمة والمغفرة في الإسلام
• رحمة الله واسعة: في النهاية، يجب أن نتذكر أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن الإسلام يدعو إلى التفاؤل والرحمة والرفق. من المؤكد أن الفعل الذي قام به المنتحر يُعتبر جريمة في نظر الإسلام، لكن في الوقت نفسه، الله هو العادل وهو الأعلم بحالة كل شخص، وقد يكون هناك حالات خاصة تتطلب التفهم والرحمة.
حكم الانتحار في الشريعة الإسلامية:
في الإسلام يُعتبر جريمة كبيرة، ويعد من المحرمات الشديدة. الله سبحانه وتعالى نهى عن قتل النفس في القرآن الكريم، فقال: “وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّاٰهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” (النساء: 29). وبالتالي، يُحظر على المسلم الانتحار.
النظرة الإسلامية للانتحار تشير إلى أن الحياة هي هبة من الله، ولا يجوز لأي شخص أن يقرر إنهاء حياته بسبب الظروف الصعبة أو اليأس. إذا كان الشخص يعاني من مشكلات نفسية أو ضغوطات، يُستحسن أن يسعى للبحث عن الدعم النفسي والروحي من خلال الصلاة والدعاء والبحث عن المساعدة من الأشخاص المتخصصين.
والرأي الأرجح: أن المنتحر ليس كافرا ولا يخرج من الملة
نوه بأن المنتحر ليس كافرًا، والانتحار لا يُعد خروجًا عن الملة، وتجري عليه جميع الأحكام الشرعية الخاصة بالمسلم حال موته، مشيرًا إلى أن المنتحر يظل مسلمًا، من تغسيل وتكفين ودفن في مقابر المسلمين، ثم أداء صلاة الجنازة عليه، متابعًا: أن هذا وهذا ليس دفاعًا عنه أو تخفيفًا لجرمه، إنما المسألة أن الله وحده هو من له أن يحاسبه.
عقوبة المنتحر في الآخرة
تم الاستدلال بقول الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» [النساء: 29]، وكذلك قوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» (البقرة: 195)، موضحًا: هما نصان صريحان في تحريم الإقدام على الانتحار، لافتًا إلى أنه ورد بالسُنة مثل ذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وتم التشديد على أن أخطر ما في الانتحار أنه يُمثل سخط العبد على قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، لافتًا إلى أن الإيمان بالقضاء والقدر هو أصل من أصول الإيمان بالنسبة للمسلم.