عاجل

بعد إقراره من حيث المبدأ|قانون تنظيم الفتوى.. ضرورة أم تقييد واحتكار مؤسسي؟

فتاوى الأفراد
فتاوى الأفراد

تزامنا مع إقرار لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب لمشروع قانون تنظيم الفتوى من حيث المبدأ، كثر الحديث عن أهميته، وهل هو محاولة لاحتكار وتقييد العمل الشرعي على مؤسسة بعينها أم ضرورة لوقف سيل الفتاوى الشاذة والمتطرفة؟

«نيوز رووم» استعرضت آراء عدد من العلماء بالأزهر والإفتاء حيث أكدوا ضرورة وجود تشريع يحول دون تصدر أصحاب الأهواء والجهل للعمل الدعوي، مطالبين بوجود عقوبة تردع المخالفين.

يحول دون تصدر أهل الأهواء

البداية أكدت الدكتورة فتحية الحنفي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن قانون الفتوى أمر ذا أهمية، خاصة وأن تقنين الفتوى أمر لابد منه وذلك بالرجوع إلى المؤسسة الدينية ممثلة في الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء ودار الإفتاء المصرية، بما يتصفون به من الوسطية والاعتدال والبعد عن الشاذ مع مراعاة تحقيق المصلحة.

وقالت في تصريحات خاصة: «أتمنى وضع عقوبة لكل من يتعرض للافتاء وهو ليس من أهل التخصص، أو الذي يفتي طبقًا لأهوائه بما يخالف القرآن والسنة مما يشيع الفساد داخل المجتمع».

وحول اعتراض البعض بوصفه عملية احتكار للإفتاء وفرض الكهنوتية والوصاية، شددت على أن التخصص في كل علم مطلوب وعلى الجميع احترام ذلك، متسائلة: هل يجوز لي كمتخصص في العلوم الدينية أن أتكلم في الطب أو الهندسة؟!، مشددة: «معلوم كل له تخصصه، لذا نجد في البرلمان لجنة الصحة ولجنة الإسكان  التخطيط  والتعليم وكذا اللجنة الدينية».

الفتوى المؤسسية.. ضمان الاتزان والحكمة والتكامل

وفي هذا السياق، سلط الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الضوء على الفروق الجوهرية بين الفتوى التي تصدر عن جهة علمية موثوقة، وتلك التي يُطلقها بعض الأفراد دون تأهيل علمي أو مسؤولية شرعية، مما قد يُفضي إلى فوضى فكرية وبلبلة اجتماعية.
بحسب ما أشار إليه الدكتور هشام ربيع، فإن الفتوى المؤسسية تمتاز بعدة عناصر تجعلها أكثر توازنًا وثقة، فهي نتاج عمل جماعي متكامل يجمع بين الاختصاص الشرعي والخبرة المجتمعية، مما يجعلها أكثر دقة في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع.
وقال أمين الفتوى إن الفتوى التي تصدر عن مؤسسات رسمية، مثل دار الإفتاء المصرية، تمر بعدة مراحل من البحث والمراجعة، وتستند إلى مصادر موثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع العلماء، مع مراعاة المقاصد الشرعية والواقع المعاصر.
ولفت إلى أن هذه الفتاوى تسعى دائمًا إلى جمع الناس على كلمة سواء، لا إلى تفريقهم، وتحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار الديني والفكري، بعيدًا عن الفوضى التي قد تحدثها اجتهادات غير منضبطة.

فتاوى الأفراد.. اجتهادات غير محسوبة ومخاطر متعدّدة

في المقابل، حذّر من خطورة الاعتماد على فتاوى الأفراد، خاصة تلك التي تصدر عبر منصات التواصل دون تأهيل علمي أو مرجعية مؤسسية. وقال: "فتوى الأفراد قد يعتريها الخطأ أو الوهم، وإن شئتَ قلتَ: الانحراف والشذوذ في بعضها!"
وأوضح أن هذه الفتاوى قد تفتقد للمنهجية العلمية والضبط الفقهي، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى إثارة البلبلة بين الناس، ونشر الفُرقة والخلاف داخل المجتمع.

وأضاف أن هناك من يتصدرون للفتوى بدافع الشهرة أو جمع المتابعين، لا بغرض بيان الحق ونشر الوعي، وهنا يكمن الخطر الحقيقي على وعي المسلم ودينه واستقرار وطنه.


ويبرز الفرق بين المنهجين في أن الفتوى المؤسسية تنطلق من فهم جماعي للنصوص والتخصص الدقيق في فروع الشريعة، بينما الفتوى الفردية كثيرًا ما تكون تعبيرًا عن رأي شخصي أو فهم ناقص، قد لا يراعي تغير الزمان والمكان، ولا يعرف آثار الفتوى على الواقع، وكما أن الفتوى المؤسسية تصدر عن أهل الذكر الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم، في حين أن الفتاوى الفردية قد تصدر من أشخاص لم يدرسوا العلم الشرعي دراسة حقيقية، مما يجعلها مليئة بالتناقضات والتسرع وسوء الفهم.
وأشار إلى أن هذا الالتزام لا يحفظ فقط دين الفرد، بل يساهم في تحقيق الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي، ويمنع الفتن التي قد تخرج من رحم الجهل وسوء الفهم.

تم نسخ الرابط