"الأسطى زلطة".. فتاة المنيا التي كسرت القيود وأبدعت في عالم النقاشة (صور)

فتاة تحدت الصعاب واقتحمت عالمًا يعرف أنه حكر على الرجال، "هاجر"، التي باتت تُعرف بلقب "الأسطى زلطة"، في محافظة المنيا، وعلى عكس الصورة النمطية السائدة، لم تكتفِ بتعلم مهنة "النقاشة" من والدها فحسب، بل أصبحت سندًا لأسرتها، محولة شغفها إلى مصدر رزق وعنوان لقوة الإرادة.
"زلطة" قصة ملهمة لرحلة كفاح استمرت 16 عامًا، تخللتها تحديات وإصابات بالغة، لكنها لم تزدها إلا إصرارًا لتتربع على عرش مهنة النقاشة في صعيد مصر.

حكاية شغف بدأ من الطفولة
تروي هاجر، أول فتاة تعمل "نقاشة" في المنيا، بحنين عند استرجاع الماضي وتفاصيل بدايتها في هذه المهنة التي عشقتها منذ نعومة أظفارها، قائلة: "كنت متعلقة بوالدي جدًا، وكنت أذهب معه إلى العمل باستمرار، كان يعمل نقاشًا ماهرًا، وكنت أراقبه وهو يبدع بأنامل ذهبية، ومن هنا بدأ شغفي بهذه المهنة يتشكل"، لم تكتفِ هاجر بالمشاهدة، بل بدأت تتعلم أصول المهنة على يد والدها الذي آمن بموهبتها وقدرتها، مضيفه "والدي كان معلمي الأول، كان يجعلني أعمل ويراجع على شغلي بدقة، حتى وثق في إتقاني وبدأ يسلمني أعمالًا بمفردي، وأصبحت أعمل بدلًا منه في كثير من الأحيان".

إبداع يتحدى الصعاب
دخول هاجر، إلى عالم النقاشة لم يكن مجرد تقليد أو ضرورة، بل كان خيارًا نابعًا من حب وشغف حقيقيين، قائلة خلال حديثها: "والدي هو من حببني في هذه المهنة، ودخلتها برضاي الكامل، لطالما تمنيت أن أعمل بها، والحمد لله أنا سعيدة جدًا بما أقدمه، وأحاول دائمًا أن أبدع وأضيف لمستي الخاصة في كل عمل أقوم به"، لم تمنعها طبيعة المهنة الشاقة أو نظرة المجتمع في بعض الأحيان من المضي قدمًا وتحقيق ذاتها في هذا المجال.
سقطت من الدور الحادي عشر
مسيرة هاجر المهنية لم تخلُ من التحديات والصعاب، فقد واجهت حوادث مؤلمة كادت أن تنهي مسيرتها، ففي إحدى المرات سقطت من الدور الحادي عشر، لكن عناية الله أنقذتها وسقطت في أرض زراعية ولم تَصب بأذى كبير، وفي حادث آخر قُطعت أصابعها الأربعة، لكن بفضل الله والعلاج تمكنت من استعادتها والعودة إلى عملها، هذه المحطات الصعبة لم تزد هاجر إلا قوة وإصرارًا على التمسك بمهنتها والتغلب على كل العقبات.

تحكي هاجر، عن ردود فعل الناس عند التعامل معها قائلة: "في البداية، عندما يتفق معي الزبائن عبر الهاتف، يظنون أنني شاب، لكن عندما يرونني في موقع العمل يفاجأون بأنني فتاة، ولكن سرعان ما يتبدد هذا الاستغراب عندما يرون جودة العمل الذي أقدمه، ويثقون في إتقاني ومهارتي"، وتؤكد هاجر، أن الدعم والتشجيع الذي تتلقاه من أسرتها هو الدافع الحقيقي وراء نجاحها وإصرارها على الاستمرار في هذه المهنة التي أثبتت فيها جدارتها وتفوقها، وتعبر بسعادة قائلة: "أسرتي هي سندي وقوتي، ولولا دعمهم لما تمكنت من تحقيق كل هذا النجاح رغم كل الصعاب التي واجهتها".