بسبب السجائر الإلكترونية.. "الفشار" يتسلل للرئة ويهدد حياتك.. إعرف التفاصيل

المحتويات
في السنوات الأخيرة، اجتاحت السجائر الإلكترونية الأسواق العالمية باعتبارها بديلًا "أكثر أمانًا" عن التدخين التقليدي. وأصبحت نكهات الفيب الجذابة، من الفانيليا إلى الكراميل والفواكه، خيارًا مفضلاً بين الشباب والمراهقين. لكن خلف هذه النكهات اللطيفة، يكمن تهديد حقيقي للرئتين، مرض نادر وخطير يُعرف باسم "رئة الفشار".
مصنع فشار ومرض غامض
ظهر مصطلح "رئة الفشار" لأول مرة في أوائل العقد الأول من الألفية، بعد أن ظهرت حالات صحية غريبة بين عمال أحد المصانع في الولايات المتحدة المتخصصة في إنتاج الفشار بنكهة الزبدة. لاحظ الأطباء أن العمال يعانون من ضيق تنفسي شديد وسعال مزمن وتلف دائم في الرئتين. السبب؟ استنشاق مادة كيميائية تُستخدم لإعطاء الفشار نكهته المميزة: الدياسيتيل.
ومع تطور الأبحاث، تبيّن أن هذه المادة لا تقتصر فقط على مصانع الأغذية، بل توجد أيضًا في عدد كبير من نكهات السجائر الإلكترونية.
هل الفيب آمن؟ العلم يقول لا
رغم الترويج التجاري للفيب على أنه بديل "نظيف" وخالٍ من القطران والدخان، فإن الدراسات الطبية تقول عكس ذلك. فوفقًا لتحاليل أجراها باحثون في جامعة هارفارد، وُجد أن أكثر من 75% من سوائل الفيب التي تحتوي على نكهات تحتوي على مادة الدياسيتيل، وهي المادة ذاتها التي ارتبطت بحالات "رئة الفشار".
هذه المادة، عند استنشاقها بشكل متكرر، تتسبب في التهاب وتليّف القصيبات الهوائية الدقيقة، ما يؤدي إلى مرض يعرف طبيًا باسم التهاب القصيبات المسدّ (Bronchiolitis Obliterans)، وهو مرض لا رجعة فيه يضعف القدرة التنفسية بشكل دائم.
كيف تتسلل " الفشار" إلى الرئة؟
تكمن خطورة المرض في أن أعراضه لا تظهر فجأة، بل تتطور ببطء. يبدأ الأمر بسعال خفيف أو ضيق بسيط في التنفس، غالبًا ما يُعتقد أنه عرض مؤقت. لكن مع مرور الوقت، يزداد التليف في الرئة ويقل تدفق الهواء، لتصل الحالة إلى مرحلة يصعب فيها التنفس دون أجهزة دعم.
الأعراض الأكثر شيوعًا تشمل:
- صعوبة في التنفس خاصة أثناء الجهد
- سعال مزمن دون سبب واضح
- صفير أو "أزيز" في الصدر
- انخفاض تدريجي في القدرة على ممارسة الرياضة أو الأعمال اليومية

من الأكثر عرضة للخطر؟
الشباب الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية بنكهة الزبدة أو الكراميل أو النكهات الحلوة بشكل منتظم هم في مقدمة الفئات المعرضة للإصابة. كما أن الأشخاص الذين يعملون في بيئات مغلقة ويستخدمون هذه الأجهزة لساعات طويلة، قد يعرّضون أنفسهم لمستويات مركّزة من المواد الكيميائية.
هل هناك علاج؟
حتى الآن، لا يوجد علاج نهائي يعيد الرئة إلى حالتها الطبيعية بعد الإصابة بـ"رئة الفشار". العلاج يركز على تخفيف الأعراض وتثبيت حالة الرئة قدر الإمكان، ويشمل:
- التوقف الكامل عن استخدام الفيب
- العلاجات التنفسية والأدوية المضادة للالتهاب
- المراقبة الطبية المنتظمة
- وفي الحالات المتقدمة، قد يُوصى بزراعة الرئة
التوعية خط الدفاع الأول
في ظل غياب تشريعات واضحة أو رقابة صارمة على صناعة الفيب في كثير من الدول، تبقى التوعية العامة حجر الزاوية لحماية الناس، وخاصة الشباب، من الوقوع في فخ الأمراض التنفسية المزمنة.
يشدد الخبراء على أهمية حملات التوعية التي تكشف عن حقيقة مكونات الفيب، ودحض الأسطورة القائلة إنه "بديل آمن". فمرض مثل "رئة الفشار" لا يحتاج إلا لبضع سنوات من الاستخدام حتى يبدأ في تدمير الرئة بصمت.
رغم أن اسم المرض قد يبدو غريبًا أو غير مألوف، فإن "رئة الفشار" حقيقة طبية مقلقة تستدعي وقفة جادة. ومع تزايد الاعتماد على الفيب، والتساهل في استخدام النكهات الصناعية، تزداد الحاجة إلى تحرك صحي ومجتمعي عاجل للحد من انتشاره، وحماية صحة أجيال بأكملها.