عاجل

جيش أبرهة والطير الأبابيل.. معجزة السماء التي حمت الكعبة

قصة أصحاب الفيل
قصة أصحاب الفيل

في جنوب جزيرة العرب، وتحديدًا في اليمن، كانت الدولة تحت سيطرة الحبشة (الأحباش) بعد أن غزوا اليمن وأسقطوا حكم الحميريين. وكان على رأس الحكم الحبشي في اليمن رجل يُدعى أبرهة الأشرم، وكان طموحًا وقويًّا، لكنه شديد الغيرة من مكة المكرمة، وخصوصًا من الكعبة، التي كان العرب يحجون إليها من كل أنحاء الجزيرة

سبب العداء للكعبة

أراد أبرهة أن يصرف أنظار العرب عن الكعبة، فشيّد كنيسة ضخمة فاخرة في صنعاء أسماها “القُلّيس”، وزيَّنها بأفخر ما وجد من الزينة، وأرسل إلى النجاشي ملك الحبشة يخبره بعزمه أن يجعل العرب يحجون إليها.

لكن العرب لم يُعيروا اهتمامًا لتلك الكنيسة، بل غضبوا من جرأته على تحقير الكعبة. وتذكر الروايات أن أحد العرب تسلل إلى الكنيسة وقام بتدنيسها (قيل إنه بالبول، وقيل إنه أضرم فيها النار). فلما علم أبرهة بذلك غضب غضبًا شديدًا، وأقسم أنه لن يهدأ له بال حتى يهدم الكعبة المشرفة حجرًا حجرًا.

تجهيز الجيش

جهز أبرهة جيشًا ضخمًا، قيل إنه الأقوى في وقته، وتقدم به من اليمن باتجاه مكة. وكان في مقدمة الجيش فيلٌ عظيم يُدعى “محمود”، وقد أتى به خصيصًا لهدم الكعبة، وكان هذا الفيل مدرّبًا ومهيبًا، يُرعب كل من يراه.

وأثناء طريقه، مر أبرهة ببعض القبائل، فكان يهزم من يعترضه، إلى أن وصل إلى الطائف، وهناك خرج له رجال ثقيف وقالوا له: “لسنا من أهل مكة، ولكن نبعث معك من يدلك على الطريق”، وكانوا بذلك يحمون أنفسهم من غضبه

أبرهة في مشارف مكة

وصل أبرهة إلى مشارف مكة، وقام بأخذ إبل عبد المطلب (جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم)، وكان سيد قريش وقتها. فأتى عبد المطلب إلى أبرهة، فلما رآه أبرهة أعجب به وأجله، فاستقبله باحترام، وسأله: “ما حاجتك؟” فقال له عبد المطلب:

“جئت أطلب الإبل التي أخذتها.”

فقال له أبرهة: “أعجبتني! أتيت لأهدم بيتك، وتسألني عن الإبل؟”

فأجابه عبد المطلب بكلمات خلدها التاريخ:

“أنا رب الإبل، وللبيت ربٌ يحميه.”

أعاد أبرهة الإبل لعبد المطلب، وواصل السير نحو الكعبة.

معجزة السماء

عندما اقترب الجيش من مكة، برك الفيل ورفض أن يتحرك نحو الكعبة. حاولوا ضربه وتوجيهه بكل الوسائل، لكنه أبى. فإذا وُجّه إلى الشام أو اليمن تحرك، وإذا وُجّه إلى الكعبة امتنع ورفض.

وفجأة، ظهرت من السماء طيرٌ صغيرة تُسمى الأبابيل، كل طائر يحمل ثلاثة أحجار صغيرة من سِجِّيل (طين متحجر)، واحدة في منقاره واثنتان في رجليه. وكانت هذه الحجارة إذا أصابت أحدهم، دخلت جسده واخترقته فمات فورًا. فكان الجنود يتساقطون واحدًا تلو الآخر، حتى أصبح جيش أبرهة كله كـ “العصف المأكول” أي كأوراق الأشجار اليابسة التي أكلتها الدواب ومزّقتها.

أما أبرهة، فقد أُصيب هو الآخر وتقطّع جسده شيئًا فشيئًا، حتى مات أثناء عودته إلى اليمن، ولم يصل إليها حيًّا.

الدروس والعبر

  • حماية الله لبيته الحرام دون أن يتدخل أهل مكة.
  • قوة الله تعالى تفوق كل قوة في الأرض، فطير صغيرة دمرت جيشًا ضخمًا.
  • تمهيد لمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد وُلد في عام الفيل نفسه، وكأن الله أراد أن يطهر مكة من العدوان قبل قدوم خاتم الأنبياء.
  • رسالة إلى كل طاغية أن القوة لا تنفع مع من يحميه الله
تم نسخ الرابط