الشيخ صديق المنشاوي.. محطات مضيئة في حياة رائد التلاوة ووالد "الصوت الباكي"

في تاريخ التلاوة المصرية، أسماء لامعة تركت بصمتها في عالم التلاوة، ومن بين هؤلاء يبرز اسم الشيخ صديق السيد تايب المنشاوي، أحد رواد تلاوة القرآن الكريم، ووالد القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي، الملقب بـ"الصوت الباكي"
من هو الشيخ صديق المنشاوي
وُلد الشيخ صديق المنشاوي في 13 فبراير 1895 بقرية المنشأة في محافظة سوهاج، وبدأ في حفظ القرآن على يد والده، الذي كان محفظاً جيداً للقرآن وعلى سعة كبيرة من العلم.
أكمل الشيخ صديق المنشاوي، حفظ القرآن وهو يبلغ من العمر تسع سنوات، ثم انتقل إلى القاهرة وتلقي علم القراءات على يد الشيخ المسعودي، وكان معلم قراءات مشهور بمصر في ذلك الوقت .
وبعد إتقانه لعلم التجويد، التحق بالأزهر الشريف لدراسة العلوم الشرعية واللغوية، حيث تعمّق في تفسير القرآن وعلوم اللغة، حتى تمكن من إتقان القراءات العشر الكبرى، وبفضل نبوغه، عاد إلى سوهاج ليصبح القارئ الأبرز في صعيد مصر، حيث لم يكن هناك قراء مشهورون في تلك الفترة.
الإذاعة تنتقل إليه ويرفض مغادرة الصعيد
على عكس العديد من القرّاء الذين سعوا للالتحاق بالإذاعة، كانت تجربة الشيخ صديق مختلفة، حيث انتقلت الإذاعة إليه بدلاً من أن ينتقل هو إليها، وفي إحدى المناسبات ببلدة العسيرات، قامت الإذاعة بتسجيل عشرين شريطًا لتلاواته، لكن للأسف، تم مسح جميع التسجيلات لاحقًا دون تحقيق، ولم يتبقَّ منها سوى تسجيل واحد فقط.
وعندما عرض عليه محمد أمين حماد، رئيس الإذاعة آنذاك، أن يستقر في القاهرة ليكون قريبًا من البث الإذاعي، رفض الشيخ صديق العرض، مؤكدًا أن وجود ابنه الشيخ محمد صديق المنشاوي في القاهرة يكفي لتمثيل العائلة، بينما فضّل هو البقاء في الصعيد وخدمة أهل بلده بتلاوته.
نشاط المنشاي في التلاوة وسفره الوحيد
كان الشيخ صديق يتمتع بنشاط كبير في تلاوة القرآن، حيث جاب مختلف محافظات مصر، وخاصة قنا وأسوان، التي اعتاد القراءة فيهما لمدة ثلاثة أشهر متواصلة كل عام، ولم يغادر مصر طوال حياته إلا مرة واحدة، عندما سافر إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج عام 1924، وكانت رحلته آنذاك على ظهور الجمال.
تكريمه الشيخ صديق المنشاوي بعد وفاته
رغم وفاته، ظل اسم الشيخ صديق حاضرًا بقوة في عالم التلاوة، وقام الرئيس حسني مبارك بمنحه وسام التكريم، تقديرًا لدوره في نشر القرآن الكريم، كما حرصت وزارة الأوقاف، في عهد الدكتور محمد علي محجوب، آنذاك، على تخليد ذكراه، ليبقى اسمه محفورًا في وجدان محبي التلاوة.
وفاته الشيخ صديق المنشاوي
في أبريل 1984، رحل الشيخ صديق المنشاوي عن عمر 86 عامًا، بعد أن أفنى حياته في خدمة القرآن الكريم ونشره في ربوع مصر، ورغم رحيله، لا يزال صوته العذب يتردد في أذهان محبيه، تاركًا وراءه مدرسة قرآنية استمرت من خلال ابنه الشيخ محمد صديق المنشاوي، الذي أصبح أحد أعمدة التلاوة في القرن العشرين.
أهم المعلومات عن الشيخ صديق المنشاوي
كان الشيخ صديق المنشاوي صاحب مدرسة خاصة في التلاوة، تأثر بها الكثير من قرّاء عصره، وورّثها لابنه محمد، الذي أصبح أحد أعلام التلاوة في مصر والعالم بعد ذلك.
علاقته بابنه الشيخ محمد صديق المنشاوي
كان الشيخ صديق المنشاوي أحد أبرز الداعمين لمسيرة ابنه، حيث نشأ محمد صديق المنشاوي في كنف والده، وبدأ يتعلم منه أصول التلاوة والتجويد، وكان الشيخ صديق شديد الحرص على أن يكون ابنه قارئًا متميزًا، فساعده على تحسين أدائه وتنمية موهبته، حتى أصبح واحدًا من أعمدة التلاوة في القرن العشرين.