"كبح الزناد".. واشنطن قد تلوّح بالعقوبات النووية على مائدة المفاوضات مع طهران

عادت إلى دائرة الضوء آلية "سناب باك"، أو ما يُعرف بـ "كبح الزناد"، والتي تم تأسيسها في عام 2015 كجزء محوري من الاتفاق النووي الإيراني الشامل. وتُعد هذه الآلية بمثابة صمام أمان يتيح للأطراف الموقعة على الاتفاق، وفي مقدمتهم الترويكا الأوروبية المكونة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إمكانية استعادة نظام عقوبات الأمم المتحدة على إيران بشكل سريع في حال ثبوت إخلال طهران بالتزاماتها النووية المنصوص عليها في الاتفاق.
تكمن أهمية هذه الآلية في سرعتها وفاعليتها، فبمجرد إخطار مجلس الأمن الدولي من قبل أحد الأطراف المعنية بوجود انتهاك إيراني واضح، تبدأ مهلة زمنية محددة بثلاثين يومًا يتم خلالها افتراض استمرار العقوبات ما لم يصدر قرار معاكس من المجلس. والأكثر أهمية هو أن هذه الآلية تُجرد حلفاء إيران من حق استخدام الفيتو لعرقلة إعادة فرض العقوبات، كون القرارات الأصلية قد تم تبنيها بالفعل من قبل المجلس.
وفي هذا السياق، فقد برزت فرنسا مؤخرًا كأكثر الأصوات الأوروبية حزمًا، حيث لوّح وزير خارجيتها جان نويل باروت صراحةً بإمكانية تفعيل باريس لهذه الآلية إذا لم تثمر المفاوضات الجارية حول برنامج طهران النووي عن نتائج إيجابية وملموسة. وتأتي هذه اللهجة التصعيدية في ظل تقارير تشير إلى أن الترويكا الأوروبية تدرس بجدية تفعيل "سناب باك" بحلول شهر أغسطس القادم كمهلة نهائية، وذلك قبل انتهاء صلاحية الآلية نفسها في منتصف أكتوبر من العام الجاري.
مخاوف إيرانية وتحذيرات متبادلة
على الجانب الآخر، تُواجه إيران بترقب وقلق بالغين احتمالية لجوء القوى الأوروبية إلى تفعيل آلية "سناب باك". وتنظر طهران إلى هذه الآلية كتهديد حقيقي يُنذر بعودة شبح العقوبات الأممية التي كانت مفروضة عليها قبل إبرام الاتفاق النووي في عام 2015. وقد عبّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن هذه المخاوف بوضوح، محذرًا من أن عدم التوصل إلى اتفاق جديد قبل حلول أكتوبر من عام 2025 سيضع بلاده في موقف بالغ الصعوبة، وقد يدفع الدول الأوروبية إلى المضي قدمًا في تفعيل "سناب باك".
وأوضح عراقجي أن تفعيل هذه الآلية يعني عمليًا إعادة العمل بستة قرارات أممية كانت مُجمدة بموجب الاتفاق النووي، وهو ما سيترتب عليه حتمًا عودة العقوبات الأممية الشاملة على إيران وتأثيرات اقتصادية وسياسية كبيرة.
وبذلك، تتصاعد حدة التوتر بين الأطراف المعنية مع اقتراب الموعد النهائي المحتمل لتفعيل آلية "سناب باك"، مما يُلقي بظلال من الشك على مستقبل الاتفاق النووي والجهود الدبلوماسية الرامية إلى إحياء هذا الاتفاق أو التوصل إلى بديل له. وتُشير التحذيرات المتبادلة إلى أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار العلاقات بين إيران والقوى الأوروبية والمجتمع الدولي بشكل أوسع.