هل يحق للزوجة تأجيل الحمل حماية للأبناء من ضرر إدمان الزوج؟

في ظل ما تعانيه بعض الأسر من مشكلات الإدمان، تتساءل كثير من الزوجات: هل يحق لي أن أنفرد بقرار تأجيل الحمل حفاظًا على مستقبل أطفالي؟
الإسلام وضع مصلحة الأبناء وحمايتهم من كل ضرر في مقدمة أولوياته، وراعى الظروف التي قد تدفع المرأة لاتخاذ قرار حساس كهذا. فمتى يجوز للزوجة شرعًا أن تؤجل الإنجاب دون إذن الزوج؟ وما الضوابط التي تحفظ حق الأسرة والأبناء معًا؟
حكم انفراد الزوجة بقرار تأجيل الحمل
القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية هي أن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد بمنعه دون موافقة الآخر. ولكن، إذا كان هناك خطر محدق قد يؤثر على صحة الطفل أو مستقبله، كإدمان الزوج للمخدرات، فإنه يحق للزوجة تأجيل الحمل بشكل مؤقت.
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن هذا المبدأ يتماشى مع ما ذكره الشرع الحنيف في رعاية مصالح الأبناء وحمايتهم من الأضرار المحتملة.
حماية الأبناء من الضرر
الشرع الحنيف حث على حفظ مصالح الأبناء وحمايتهم من كل ما يضرهم، سواء في مرحلة الحمل أو بعد الولادة. فإذا كانت الزوجة تشعر بأن إدمان الزوج يشكل تهديدًا لحياة الطفل أو صحته، فبإمكانها اتخاذ قرار تأجيل الحمل إلى حين تحسن الوضع. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ" [رواه أبو داود]، ما يعكس أهمية الحفاظ على صحة ورفاهية الأبناء.
الاستناد إلى نصوص شرعية
هناك أدلة شرعية تؤكد جواز منع الحمل أو تأجيله في حال وجود ضرر على الأبناء، مثلما حدث في مسألة الغيلة (الحمل أثناء الرضاعة)، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يهم بمنعها، إلا أنه كان يُراعِي المصلحة العامة للأبناء. ففي الحديث الشريف: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ.حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ" [رواه مسلم]، نجد أن الشرع يراعي سلامة الأبناء قبل كل شيء.
رأي العلماء
اتفق العلماء على أنه لا يجوز للزوج أن يعزل عن زوجته إلا بإذنها، لأن الإنجاب حق مشترك بينهما. أما في حالات معينة، مثل وجود ضرر على الأبناء، فيجوز للمرأة أن تأخذ قرار منع الحمل لحماية صحتهم.
وقد أشار العلماء إلى أنه إذا كانت المرأة تخشى على صحة الطفل بسبب سوء تصرفات الزوج أو إدمانه، فيجوز لها اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة لمنع الحمل. كما نص العلماء الحنفية على أن المرأة يمكنها سد فم الرحم (استخدام وسائل منع الحمل) دون إذن الزوج إذا كان الأمر يستدعي ذلك.
خلاصة الحكم
- الأصل أن قرار منع الحمل يجب أن يكون مشتركًا بين الزوجين.
- إذا كان الزوج يعاني من الإدمان أو أي مشكلة قد تعرض صحة الأبناء للخطر، يجوز للزوجة اتخاذ قرار تأجيل الحمل لحماية الأطفال.
- الشريعة تضع مصلحة الأبناء في المقام الأول، وتسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الضرر.
في الختام، يظل الحفاظ على صحة الأبناء ورفاهيتهم من الأولويات التي لا غنى عنها في الشريعة الإسلامية. وعلى الزوجة أن تستعين بالله وتستشير أهل العلم في اتخاذ القرارات التي تصون مصلحة أبنائها في ظل الظروف الصعبة التي قد تمر بها الأسرة.