كثرة الإنجاب دون قدرة على التربية والنفقة هل يُعد إثمًا؟.. دار الإفتاء توضح

في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المعقدة، يثور تساؤل مهم يشغل كثيرًا من الأزواج: هل كثرة الإنجاب دون القدرة على تربية الأبناء والإنفاق عليهم أمر محمود شرعًا أم فيه إثم؟
دار الإفتاء المصرية أجابت عن هذا السؤال بوضوح، موضحة أن القدرة على تحمل مسؤولية الأولاد ماديًا وتربويًا شرط شرعي لا يُغفل، وإلا أصبح الأبوان عرضة للإثم والمساءلة أمام الله عز وجل.
دار الإفتاء: تضييع حقوق الأبناء إثم شرعي
أكدت دار الإفتاء المصرية أن من يُقصِّر في حقوق أبنائه من نفقة وتربية وتعليم يُعد آثمًا شرعًا، مشيرة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
"كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول"،
كما استشهدت بالآية الكريمة:
﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233].
وأوضحت الدار أن الله لا يرضى أن يُكلّف الإنسان فوق طاقته، ولا أن يُرهق نفسه أو زوجه أو أولاده بسبب تكليفات تفوق قدرته.
الأبناء نعمة ومسؤولية في آن واحد
ورغم تأكيد دار الإفتاء أن الأبناء هبة من الله وزينة في الحياة الدنيا، كما في قوله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46]
فقد شددت أيضًا على أن هذه النعمة العظيمة لا تُعفي من المسؤولية، فهم فتنة واختبار؛ قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: 28].
تنظيم الأسرة لا يتعارض مع الشريعة إذا دعت الحاجة
وأكدت الفتوى أن تنظيم عملية الإنجاب ليس أمرًا مرفوضًا شرعًا إذا غلب على الظن عدم القدرة على التربية السليمة، سواء من ناحية النفقة أو الرعاية الجسدية والتعليمية والدينية.
فالشرع لا يرضى بأن يُرهق الإنسان نفسه بما لا يستطيع تحمله، لما قد يترتب عليه من ضرر نفسي واجتماعي وديني لأفراد الأسرة، وهو ما عبّر عنه النبي نوح عليه السلام في شكواه لقومه: ﴿وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ [نوح: 21].
القلّة الصالحة خير من الكثرة المُهملة
وفي ختام الفتوى، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن قلة الأبناء مع حسن تربيتهم خير من كثرتهم مع الإهمال والتقصير، لافتة إلى أن الإنسان سيُسأل عن الأمانة التي أوكلها الله إليه، وهي الأبناء، فإن لم يحسن تربيتهم كان عرضة للمحاسبة الشديدة يوم القيامة.