عاجل

بعد تصريحات مدبولي.. خبراء يكشفون لـ"نيوز رووم" شروط العبور الحقيقي للأزمة

الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي - مواطن يلبي احتياجاته من السوق

أشعلت تصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الأخيرة، التي أكد فيها أن مصر تجاوزت الأزمة الاقتصادية، موجة من الجدل بين التفاؤل الحذر والأسئلة المطروحة حول الواقع المعيشي للمواطن.

مدبولي ربط بين تحسن المؤشرات الاقتصادية وضرورة انخفاض الأسعار، في رسالة طمأنة واضحة للأسواق والمستثمرين والمصريين، لكن خبراء الاقتصاد والتنمية البشرية يرون أن المعركة الحقيقية لا تزال في "جيوب المواطنين"، وأن الانتصار لا يُقاس بالأرقام فقط وإنما بمدى شعور الناس بانخفاض الأسعار وتحسن الخدمات.

وفي هذا الإطار.. "نيوز رووم" حلّل تصريحات رئيس الوزراء بالتعاون مع نخبة من الخبراء للكشف عن الشروط الحقيقية لعبور الأزمة وترجمة الأرقام إلى واقع ملموس في الشارع المصري.

صلاح الدين فهمي: الأزمة لم تنتهِ ونريد أفعالًا على غرار ملف الكهرباء

الدكتور صلاح الدين فهمي محمود، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر والمستشار الأكاديمي لمعاهد الجزيرة العليا بالمقطم، أكد في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن ما قاله رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بشأن تجاوز الأزمة الاقتصادية لا يمكن الحكم عليه إلا برؤية مؤشرات ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية.

د. صلاح الدين فهمي محمود أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر 
د. صلاح الدين فهمي محمود أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر 

وقال صلاح الدين فهمي: "نحن في مرحلة انتعاش نسبي، لكن الأزمة ما زالت قائمة، وتصريحات رئيس الوزراء تهدف بالأساس إلى طمأنة الشارع المصري في ظل الأوضاع الجيوسياسية الراهنة، وهو أمر مفهوم، لكن الأهم أن يقترن ذلك بخطوات عملية كما حدث في ملف الكهرباء، حينما وعد بعدم العودة لتخفيف الأحمال، وبالفعل أوفى بوعده حتى في ذروة ارتفاع درجات الحرارة".

وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: "أن أي حديث عن تجاوز الأزمة يجب أن ينعكس على تراجع التضخم وانخفاض الأسعار، وهو ما لم يحدث حتى الآن؛ فأسعار السلع الأساسية لم تنخفض، وهناك نقص واضح في بعض الأدوية الضرورية مثل أدوية الضغط والسكر، كما أن استقرار سعر الدولار لم يترجم إلى تراجع في أسعار السيارات أو البنزين أو الخدمات".

وشدد الدكتور صلاح الدين فهمي على أن تدخل الدولة في ضبط السوق أمر ضروري، خاصة في توفير السلع والخدمات حينما يعجز السوق عن ذلك، مؤكدًا أن المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تتحدث عنها الحكومة يجب أن تتطابق مع الواقع الملموس لدى المواطنين".

أبو بكر الديب: مؤشرات العبور جزئية.. والأسعار لن تهبط قبل 6 أشهر

أما الخبير في الشؤون الاقتصادية أبو بكر الديب، فرأى أن تصريحات رئيس الوزراء تحمل قدرًا من التفاؤل السياسي الموجه لطمأنة المواطنين والمستثمرين، لكنه بحاجة إلى تدعيم ميداني يشعر به المواطن.

الخبير في الشؤون الاقتصادية أبو بكر الديب
الخبير في الشؤون الاقتصادية أبو بكر الديب

وأوضح الديب، في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن مصر قطعت بالفعل شوطًا مهمًا نحو الاستقرار المالي والنقدي، مع تحسن في سعر الصرف، وزيادة احتياطي النقد الأجنبي، وتراجع نسبي في معدلات التضخم، إلا أن "تجاوز الأزمة" لا يعني بالضرورة "تحقيق التعافي الكامل"، مؤكدًا أن الاقتصاد الحقيقي يحتاج إلى استدامة في هذا الأداء وتحسين مؤشرات التشغيل، والإنتاج، ومستوى المعيشة، حتى يمكن القول إن الأزمة قد عُبِرت بالكامل.

وأشار إلى أن التعافي الفعلي يتمثل في أن يلمس المواطن انخفاضًا في الأسعار، وزيادة في الدخل، وتحسن الخدمات، وتراجع البطالة، لافتًا إلى أن عدم انعكاس تحسن سعر الدولار على الأسعار يرجع إلى عدة أسباب، منها: وجود مخزون مستورد بأسعار مرتفعة، استمرار حلقات الوساطة والمضاربة، ضعف الرقابة السعرية، ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبطء تمرير أثر التحسن النقدي إلى السوق.

وأكد الديب أنه إذا استقر سعر الصرف وانخفضت تكاليف الإنتاج، فمن المتوقع أن تبدأ موجة تراجع تدريجية في الأسعار خلال 3 إلى 6 أشهر، مع اختلاف سرعة التأثير بين القطاعات، موضحًا أن الغذاء والأدوية أسرع استجابة، بينما السلع المعمرة والإلكترونيات أبطأ بحكم طبيعة مخزونها.

وشدد على ضرورة أن تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لضمان انخفاض الأسعار، منها تفعيل الرقابة على الأسواق، وتسهيل الإفراج الجمركي، وتحفيز الإنتاج المحلي، وتعزيز الشفافية في التسعير، ومواجهة جشع بعض التجار والمضاربين بإجراءات رادعة.

واختتم الخبير الاقتصادي تصريحاته محذرًا من المخاطر التي قد تعيد الاقتصاد إلى دائرة الأزمة، مثل تجدد الضغوط على العملة الأجنبية، استمرار الاعتماد على الواردات، الأزمات الجيوسياسية، تباطؤ الإصلاحات الهيكلية، وارتفاع أسعار الطاقة أو الغذاء عالميًا، وضعف ثقة المستثمرين إذا لم تنعكس الإصلاحات إيجابًا على حياة المواطنين.

خبير تنمية بشرية: الثقة تُبنى بالشفافية.. والمواطن شريك في التعافي

من جانبه شدّد خبير التنمية البشرية خالد عبدالحميد، على أن أي تصريحات إيجابية يجب أن تواكبها خطط واضحة وإجراءات واقعية، مع شفافية كاملة في إطلاع المواطنين على ما تحقق وما سيتم، بمواعيد محددة وإجراءات ملموسة.

خبير التنمية البشرية خالد عبدالحميد
خبير التنمية البشرية خالد عبدالحميد

وقال عبدالحميد في تصريح خاص لـ"نيوز رووم" إن دعم التعافي الاقتصادي يتطلب من المواطن التوقف عن شراء السلع المستوردة والبحث عن البدائل المحلية، على أن تضمن الحكومة جودة المنتج المصري، خاصة في السلع المعمرة.

وأشار إلى أن قدرة المواطن على التكيف مع التغيرات الاقتصادية الحالية تعتمد على عاملين رئيسيين: تنويع مصادر الدخل، أو ترشيد الإنفاق، مضيفًا: "في الماضي كان ترشيد الإنفاق خيارًا، أما الآن فأصبح ضرورة للجميع مهما كان وضعهم الاقتصادي".

رغم إشادة الخبراء برسائل مدبولي الإيجابية، فإنهم يتفقون على أن النصر في معركة الاقتصاد لن يتحقق إلا حين يشعر المواطن بانخفاض الأسعار وتحسن مستوى المعيشة، وأن طريق التعافي الحقيقي يبدأ من السوق.. لا من التصريحات.

تم نسخ الرابط