عاجل

هل يكفي أن تستفتي قلبك لمعرفة الحلال والحرام؟.. الإفتاء توضح الحقيقة

حديث نبوي
حديث نبوي

في الآونة الأخيرة، تداول بعض الأشخاص حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" استفتِ قلبك، واستفتِ نفسك، وإن أفتاك الناس وأفتوك"، واستُدل به على أن معرفة الحلال والحرام يمكن أن تتم فقط من خلال مشاعر القلب وأحاسيس النفس، دون الحاجة للرجوع إلى العلماء وطلبة العلم. لكن ما مدى صحة هذا الفهم؟ وما هو المعنى الصحيح لهذا الحديث؟.

صحة حديث "استفتِ قلبك"

الحديث الوارد في هذا السياق هو حديث صحيح، وقد رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وقال الإمام النووي في "الأربعين النووية" إن إسناده حسن. كما ورد عن الصحابي الجليل وابصة بن معبد رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم له: "يا وابصة، استفتِ قلبك، واستفتِ نفسك... البر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك".

هل يكفي القلب لمعرفة الحلال والحرام؟

على الرغم من صحة الحديث، فإن الفهم الذي يشير إلى أن القلب وحده يكفي لمعرفة الحلال والحرام هو فهم غير دقيق، وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية ذلك عبر موقعها الرسمي. فإن الحديث لا يعني أن الشعور القلبي وحده هو الذي يحدد الأحكام الشرعية أو يقرر الحلال والحرام، بل يجب فهم الحديث في سياق أوسع وأعمق.

التفسير الصحيح للحديث

الحديث موجه في الأساس لمن بلغوا مرتبة عالية من الإيمان والتقوى، وليس للجميع. وهذا ما بيّنته أقوال كبار العلماء مثل الملا علي القاري الحنفي، الذي أوضح أن المقصود بالحديث هم "أرباب البصائر وذوو النفوس السليمة والفراسات الصادقة"، وهم الذين يُلهمون نور البصيرة ويشعرون بما هو خير ويميلون إلى الطمأنينة.
كما ذكر الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" أن هذا الحديث يُحتج به في حالات خاصة، إذا لم يجد المؤمن نصًا شرعيًا واضحًا أو قولًا موثوقًا من العلماء المتخصصين. في هذه الحالة، يمكنه الاستناد إلى ما يشعر به قلبه من شك أو طمأنينة. بمعنى آخر، إذا لم يكن هناك نص شرعي أو فتوى صحيحة، يمكن للمرء الاستئناس بما يشعر به قلبه في مسألة معينة، مع مراعاة أن يكون هذا الشخص قد وصل إلى درجة من الفهم العميق والإيمان القوي.

وأكدت دار الإفتاء أن الحديث لا يُفهم على أنه تشريع مستقل، بل هو توجيه للعمل بالأحوط في الأمور المشتبهة والخروج من الخلاف، وهو أمر مستحب شرعًا كما قرره العلماء كالسيوطي في "الأشباه والنظائر"، والتاج السبكي في "قواعده".
حديث «استفتِ قلبك» لا يُعتمد عليه بمفرده لمعرفة الحلال والحرام، بل يُفهم في سياق خاص ولأشخاص بلغوا مقام الورع والتقوى، ولا يغني عن الرجوع إلى أهل العلم الثقات. والأحكام الشرعية لا تُبنى على التذوق الشخصي أو الشعور القلبي المجرد، وإنما على الأدلة المعتبرة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء.

تم نسخ الرابط