سرق في صغره ويريد التوبة فهل تقبل؟.. كيفية بسيطة تحررك من الذنب

يتردد على ألسنة الكثيرين سؤال يُشعِر القلب بثقل الذنب، لكنه في الوقت ذاته يعبر عن صحوة الضمير: "سرقت في صغري.. فهل تُقبل توبتي؟ وهل عليّ ذنب؟"
هذا السؤال يحمل بين طيّاته أملًا في المغفرة، وخوفًا من الحساب، ويكشف عن رغبة حقيقية في العودة إلى الله والتطهّر من معصية قديمة ظلت محفورة في الذاكرة.
في هذا التقرير نستعرض رأي دار الإفتاء المصرية وموقف العلماء الثقات في مسألة التوبة من السرقة في الصغر، مع توضيح الطريقة الصحيحة للتكفير عن هذا الذنب.
هل تُقبل التوبة من السرقة في الصغر؟
أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، أن السرقة في مرحلة ما قبل البلوغ لا يُحاسب عليها الطفل شرعًا، لأن الطفل غير مكلَّف. واستندت في ذلك إلى قول النبي ﷺ:
"رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يحتلمَ، وعن المجنونِ حتى يعقلَ"
(رواه أحمد وأبو داود).
لكن مع ذلك، توضح الدار أن حقوق العباد لا تسقط، ويجب رد المال أو الشيء المسروق إلى صاحبه إن أمكن، أو التصدّق بقيمته إذا تعذّر ذلك، حتى تُقبل التوبة بشكل كامل.
كيف أتوب من سرقة قديمة ولا أعرف صاحبها؟
أوضحت دار الإفتاء أن التوبة الصادقة تمحو الذنب إذا توفرت فيها أربعة شروط رئيسية:
- الإقلاع عن الذنب فورًا.
- الندم الشديد على ما فات.
- العزم على عدم العودة لهذا الفعل.
- ردّ المال إلى صاحبه، فإن تعذر الوصول إليه، فيُتصدق بقيمته بنية أن تكون لصاحب الحق.
كما أشار علماء موثوقون مثل الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف المصرية، إلى أن:
"التوبة الصادقة تطهّر القلب وتسقط الذنب، لكن لا بد من تصفية الحقوق، إما بالرد المباشر أو التصدق عند تعذّر الوصول."
هل تختلف التوبة في حال كانت السرقة بعد البلوغ؟
نعم، السرقة بعد البلوغ تعتبر معصية يُؤاخذ بها الإنسان شرعًا، لكن باب التوبة مفتوح دائمًا، ولا يُغلق في وجه أي مذنب ما دام حيًّا.
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعًا"
[الزمر: 53].
فمن ارتكب ذنبًا كالسّرقة وتاب توبة نصوحًا، فإن الله يغفر له، بل قد يُبدل سيئاته حسنات، كما ورد في قوله تعالى:
"فأولئك يُبدِّل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورًا رحيمًا"
[الفرقان: 70].
هل يجوز رد المال بطريقة غير مباشرة؟
نعم، إذا خاف الإنسان من الفتنة أو الحرج أو كشف أمره، فيجوز رد المال أو قيمته بطريقة غير مباشرة، كأن يضعه في ظرف دون اسم، أو يهديه لصاحبه كهدية، أو يوصله له عن طريق وسيط أمين لا يكشف هويته.
رسالة رجاء وأمل لكل من تأخر عن التوبة
إن شعورك بالذنب هو أولى خطوات التوبة. وما دمت تشعر بالندم وتسعى لتصحيح الخطأ، فاعلم أن الله يفرح بتوبتك، وأن رحمته وسعت كل شيء.
قال رسول الله ﷺ:
"للهُ أشدُّ فرحًا بتوبةِ عبدِه حين يتوبُ إليهِ، من أحدِكم كان على راحلتِه بأرضٍ فلاةٍ، فانفلتتْ منه، وعليها طعامُه وشرابُه، فأيسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجعَ في ظلِّها وقد أيسَ من راحلتِه، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمةٌ عنده، فأخذ بخِطامِها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح."(رواه مسلم) هذا الحديث العظيم يُظهر مدى محبة الله لعباده، وفرحه العظيم بتوبتهم، حتى لو بلغت ذنوبهم عنان السماء.