رجال الأعمال :خفض الفائدة بداية تحول اقتصادي يعيد رسم خريطة الاستثمار في مصر
رجال الأعمال: خفض الفائدة بداية تحول اقتصادي يعيد رسم خريطة الاستثمار

أعلن البنك المركزي عن خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس، لأول مرة منذ سنوات، في قرار لاقى ترحيبًا واسعًا من مجتمع الأعمال، في خطوة تُعد من أبرز ملامح التحول الاقتصادي في مصر.
ملامح التحول الاقتصادي في مصر
ويُتوقع أن يكون لهذا التوجه تأثير مباشر على القطاعات الحيوية، لا سيما الصناعة والزراعة والاستثمار، حيث يمثل تخفيف تكلفة الاقتراض دافعًا قويًا لإعادة إنعاش الدورة الاقتصادية، وتحفيز النمو، وتوفير بيئة ملائمة لضخ استثمارات جديدة.
ويستعرض هذا التقرير آراء عدد من الخبراء ورؤساء اللجان الصناعية والمالية والزراعية، حول انعكاسات هذا القرار على الواقع الاقتصادي المصري، والفرص التي يمكن البناء عليها في المرحلة القادمة.
وقال أحمد إسماعيل صبرة، عضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية وعضو مجلس إدارة المنطقة الصناعية بجمصة، أن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 225 نقطة أساس يُعد تطورًا مهمًا طالما انتظره القطاع الصناعي، مشيرًا إلى أنه سيساهم بشكل كبير في تحسين قدرة المصانع على استعادة توازنها بعد فترة من التحديات التمويلية والضغوط الاقتصادية المتزايدة.
فرص استثمارية جديدة وتوسعات محتملة
وأوضح صبرة، في تصريحات صحفيه له، أن قطاع الصناعات الكيماوية، باعتباره من القطاعات ذات الكثافة الرأسمالية العالية، كان من بين الأكثر تأثراً بارتفاع تكاليف الاقتراض خلال الفترات الماضية، مما تسبب في تأجيل العديد من خطط التوسع المستقبلية.
وأضاف أن تذبذب أسعار المواد الخام عالميًا شكّل ضغطًا إضافيًا على هذه الصناعات. ومع خفض الفائدة، تتجدد الفرصة أمام العديد من المصانع لإعادة هيكلة التزاماتها المالية، وإطلاق استثمارات جديدة لتحسين الإنتاج وكفاءة التشغيل.
جمصة تمثل نموذجًا للمناطق الصناعية الصاعدة
وأشار إلى أن القرار يعكس أيضًا تحولًا إيجابيًا في توجه الدولة نحو دعم الإنتاج المحلي، من خلال تهيئة بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا مشيراً إلى أن المنطقة الصناعية بجمصة تُعد من أبرز النماذج الواعدة، حيث تضم مجموعة كبيرة من المشروعات ذات التوجه التصديري، ما يجعلها مرشحة للاستفادة المباشرة من هذا التيسير النقدي.
مطلوب سياسات داعمة للصناعة المحلية
وأكد صبرة أن هذا الخفض سيقلل من الأعباء المالية على كاهل المصنعين، سواء عبر تقليل تكلفة التمويل البنكي أو من خلال تحسين العائد على الفرص الاستثمارية، بما يسهم في تعزيز التشغيل وتوفير فرص عمل جديدة مشدداً على أن استمرار هذه الخطوات يتطلب تبني حزمة من السياسات المساندة للصناعة، تشمل تسريع صرف دعم الصادرات، وتوفير الطاقة بأسعار مناسبة، وتسهيل إجراءات التراخيص وتوسيع النشاط الصناعي.
دور محوري للصناعة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي
كما دعا صبرة إلى وضع إطار واضح لدعم تمويل المشروعات الصناعية الحيوية، لا سيما تلك المعتمدة على مدخلات إنتاج محلية وتحقق قيمة مضافة، من خلال تعزيز التعاون بين الجهاز المصرفي ومؤسسات التمويل التنموي.
ومن جانبه، قال رامي فتح الله، رئيس اللجنة المالية والضرائب بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال إن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بخفض أسعار العائد الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس، يأتي كخطوة محسوبة تعكس نجاح السياسات النقدية في احتواء معدلات التضخم ويمثل بداية حقيقية لدورة تيسير نقدي مدروسة من شأنها تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز مناخ الاستثمار.
معدل التضخم الأساسي يسجل أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات
وأوضح فتح الله في تصريحات له، أن تراجع معدل التضخم الأساسي إلى 9.4٪ في مارس 2025 وهو أدنى مستوياته منذ ما يقرب من ثلاث سنوات يشير إلى أن البنك المركزي استطاع إلى حد كبير كبح الضغوط التضخمية الناتجة عن الصدمات الخارجية وسلاسل الإمداد العالمية، وذلك من خلال أدوات السياسة النقدية المتشددة التي انتهجها خلال العامين الماضيين.
وأضاف أن القرار يعكس ثقة البنك المركزي في استدامة الاتجاه النزولي للتضخم لا سيما بعد تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار السلع غير الغذائية وتراجع كبير في أسعار السلع الغذائية.
تحفيز النشاط الاقتصادي وتنشيط الطلب المحلي في مقدمة النتائج المتوقعة
وأكد فتح الله ان القرار يعزز من فرص تنشيط الطلب المحلي خاصة في قطاعات الصناعة والتجارة التي عانت من تكلفة تمويل مرتفعة لفترة طويلة.
مجتمع الأعمال يرحب بالخطوة ويؤكد أثرها الإيجابي على تمويل الشركات
وأشار فتح الله إلى أن مجتمع الأعمال ينظر إلى هذه الخطوة باعتبارها إشارة إيجابية نحو تحسن مناخ الأعمال وعودة تدريجية للثقة في الأسواق متوقعاً أن يؤدي خفض الفائدة إلى تقليص تكلفة التمويل على الشركات وتحسين هوامش الربحية ودفع عجلة الإنتاج لا سيما في الصناعات التصديرية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ومن جانبه، قال أحمد الطوخي، نائب رئيس اللجنة المالية والضرائب بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، أن قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 225 نقطة أساس، لأول مرة منذ خمس سنوات، يُمثل نقطة تحول محورية تحمل أبعاداً نقدية واقتصادية دقيقة.
وأوضح “ الطوخي” أن هذه الخطوة تعبر عن تغير ملحوظ في السياسة النقدية بعد فترة طويلة من التشديد، وتأتي في توقيت بالغ الحساسية، ما يمنحها دلالات متعددة على الصعيدين المحلي والدولي.
تراجع التضخم يمنح البنك المركزي مساحة للمناورة
أشار نائب رئيس اللجنة المالية والضرائب بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، إلى أن هذا التوجه يُعد مؤشراً واضحاً على اطمئنان البنك المركزي إلى المسار النزولي لمعدلات التضخم، خاصة بعد أن انخفض التضخم الأساسي إلى 9.4% في مارس 2025، وهو المستوى الأدنى خلال نحو ثلاث سنوات، مؤكداً على أن المؤشرات الحالية تؤكد انحسار الضغوط التضخمية التي كانت ناجمة في السابق عن اضطرابات في جانب العرض على المستوى العالمي، مما أتاح للبنك المركزي البدء في تنفيذ سياسة تيسير نقدي محسوبة ومدروسة.
قراءة القرار في سياق الاقتصاد العالمي
ونوّه إلى أن القرار لا ينبغي قراءته فقط من الزاوية المحلية، بل يجب النظر إليه في ضوء المتغيرات العالمية، حيث بدأت العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تتبنى نهجاً أكثر تحفظاً فيما يخص رفع أسعار الفائدة، وهو ما يمنح اقتصادات مثل مصر فرصة لإعادة التوازن بين مكافحة التضخم ودعم معدلات النمو.
تأثير مزدوج على السوق والاستثمار
وأوضح "الطوخي" أن خفض الفائدة في هذا الوقت يحمل تأثيراً مزدوجاً: أولاً، من حيث تخفيف تكاليف الاقتراض على الأفراد والشركات، ما يساهم في تنشيط الاستثمار وزيادة مستويات السيولة في السوق؛ وثانياً، على صعيد تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في قدرة صانعي السياسات على إدارة المرحلة المقبلة بكفاءة واقتدار.
دعوة لتكامل السياسات وتعزيز بيئة الأعمال
كما شدد الطوخي على أهمية دعم هذا التحول في السياسة النقدية بسياسات مالية مرنة، خاصة تلك المتعلقة بتحفيز بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي، مع التركيز على إعادة هيكلة النظام الضريبي لتشجيع الاستثمار المباشر. وأكد ضرورة استمرار التنسيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية بهدف تحقيق توازن فعّال بين استقرار الأسعار وتحفيز النمو الاقتصادي.
بداية مرحلة جديدة من الانضباط والثقة
وفي ختام تصريحاته، أشار الطوخي إلى أن هذه التطورات تمثل بداية لمرحلة مختلفة تتطلب يقظة في متابعة المتغيرات الاقتصادية، لكنها في الوقت ذاته ترسل رسالة قوية مفادها أن الاقتصاد المصري دخل مرحلة أكثر استقراراً، ما يفتح الباب أمام إعادة تقييم الفرص الاستثمارية برؤية أكثر تفاؤلاً وانضباطاً مالياً.
أشاد المهندس هيثم الهواري، رئيس لجنة الزراعة بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، بقرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس، معتبرًا أن هذه الخطوة تُمثل دفعة قوية للقطاع الزراعي الذي يتحمل أعباء تمويل مرتفعة منذ فترة طويلة، وتُمهّد الطريق نحو إعادة ترتيب الأولويات الاستثمارية في الزراعة، إلى جانب تبني تقنيات حديثة تعزز من الإنتاج المستدام.
انخفاض تكلفة الاقتراض يعزز قدرات المزارعين على التوسع والتحديث
وأوضح الهواري في تصريحاته، أن توقيت القرار يأتي في غاية الأهمية، في ظل ما يواجهه القطاع الزراعي من ضغوط متزايدة، سواء من حيث تذبذب أسعار السلع على المستوى الدولي، أو ارتفاع مدخلات الإنتاج، فضلاً عن التحديات المناخية المتكررة التي تؤثر على الإنتاجية.
وأكد أن تخفيض تكلفة الاقتراض سيسهم في رفع كفاءة المزارعين وتمكينهم من تطوير أساليب الإنتاج، وتحديث البنية التحتية الزراعية بما يشمل أنظمة الري والتخزين الحديثة.
استقرار السياسة النقدية يدفع عجلة الاستثمار الزراعي ويعزز الأمن الغذائي
وأشار رئيس لجنة الزراعة إلى أن هذا القرار يُرسل إشارة إيجابية للمستثمرين، تؤكد بدء مرحلة جديدة من الاستقرار النقدي وتراجع معدلات التضخم، وهو ما يدعم مناخ الاستثمار، خاصة في قطاع الزراعة، الذي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي مشيداً باتجاه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من الأراضي الزراعية وتعميق التصنيع الغذائي داخل مصر.
دعوة لتسريع آليات التمويل الأخضر وتشجيع الزراعة الذكية
وفي سياق متصل، دعا الهواري إلى ضرورة الاستفادة من هذا التغيير في السياسة النقدية عبر تفعيل أدوات التمويل الأخضر والزراعي، من خلال تقديم حوافز للمشروعات الزراعية التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، والطاقة المتجددة، والنُظم الزراعية المستدامة مشيرًا إلى أن الربط بين خفض الفائدة وتوجيه التمويل إلى الأنشطة الزراعية الأكثر تأثيرًا هو السبيل الأمثل لزيادة العائد الاقتصادي والاجتماعي من القطاع الزراعي خلال المرحلة المقبلة.