ذكر الله بدون وضوء.. هل هو جائز شرعًا؟ دارالإفتاء توضح آراء الفقهاء

هل يجوز للمسلم أن يذكر الله وهو على غير وضوء؟ سؤال يتردد كثيرًا بين الناس، خاصة في لحظات الانشغال أو أثناء التنقل، حيث لا تكون الطهارة دومًا متوفرة. ولحسم هذا الجدل، أوضحت دار الإفتاء أن ذكر الله لا يشترط له الوضوء، مستندة إلى أدلة شرعية من القرآن والسنة، وآراء كبار العلماء من مختلف المذاهب.

وأكدت الفتوى أن الأصل في الذكر هو الإباحة في كل الأحوال، وأن الطهارة مستحبة وليست واجبة، ما لم يكن الذكر في موضع لا يليق بذكر الله، كأماكن النجاسة أو خلال حالات مخصوصة كالجماع.

ما هو الذكر؟ ولماذا لا يُشترط له الوضوء؟

الذكر في الشريعة الإسلامية يشمل التسبيح، والتهليل، والتحميد، والاستغفار، وتلاوة الآيات، سواء على اللسان أو في القلب. وهو عبادة عظيمة لا تتطلب شروطًا خاصة كالوضوء، بل يُستحب أن يكون المسلم على طهارة تعظيمًا لله، لكن لا يُمنع الذكر دونها.

أحاديث نبوية تؤكد جواز الذكر بدون وضوء

من أبرز الأحاديث التي استندت إليها الفتوى:
• حديث السيدة عائشة: “كان رسول الله ﷺ يذكر الله على كل أحيانه” – رواه مسلم.
• حديث مهاجر بن قنفذ: “كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة” – وهو دليل على الاستحباب لا الوجوب.

رأي العلماء: الطهارة أدب وليست شرطًا
• الإمام النووي أكد أن النبي ﷺ كان يذكر الله حتى وهو على جنابة.
• الإمام الشوكاني نصّ في “نيل الأوطار” على أن الطهارة للذكر مستحبة وليست فرضًا.

استثناءات يجب الانتباه لها
• يكره الذكر في دورات المياه أو على الأماكن النجسة.
• لا يُستحب الذكر أثناء الجماع أو في مواضع الإهانة.

فضل الذكر في الإسلام:
• أمر إلهي مباشر:
قال الله تعالى: ﴿فاذكروني أذكركم﴾ [البقرة: 152].
• سبب لطمأنينة القلب:
﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].
• أفضل الأعمال عند الله:
قال النبي ﷺ: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم…” قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “ذكر الله تعالى” – رواه الترمذي.
• سبب لمغفرة الذنوب:
قال ﷺ: “من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حُطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر” – رواه البخاري.
• يحمي المسلم من الشيطان:
قال ﷺ: “إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات… وأمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره، فأتى إلى حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله” – رواه الترمذي.
• الذكر سبب في دخول الجنة:
قال ﷺ: “من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مئة مرة… كانت له عدل عشر رقاب…” – متفق عليه.
• يملأ الميزان بالحسنات:
قال ﷺ: “كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم” – رواه البخاري ومسلم.
• الذكر حياة للقلوب:
قال ابن تيمية: “الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟”