زينب بنت خزيمة.. “أم المساكين” التي سكنت القلوب قبل أن تسكن بيت النبوة

في سجل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، يبرز اسم زينب بنت خزيمة كواحدة من أكثرهن تفرّدًا، لا بطول المكوث ولا كثرة الرواية، بل بلقبٍ خُلّد معها في حياتها وبعد رحيلها: “أم المساكين”. لم يكن هذا اللقب مجازيًا أو تكريميًا، بل كان صفة حقيقية تجسدت في حياتها اليومية، وعُرف بها اسمها في مكة والمدينة، حتى قبل أن تدخل بيت رسول الله.
امرأة سبقت رحمتها الإسلام
زينب بنت خزيمة الهلالية، تنتمي إلى بني عامر بن صعصعة، وكانت من أوائل من أسلم من النساء. لكنها قبل الإسلام، كانت تُعرف بسخائها وكرمها، وإحساسها المرهف بحال الفقراء والمحتاجين، حيث لم يُعرف عنها يومًا أنها ردت سائلًا أو أغلقت بابًا في وجه محتاج. وقد استمرت على هذا الخلق العظيم بعد إسلامها، فلقّبها الناس بـ”أم المساكين”، وهو لقب لم يُعطَ لأي من نساء عصرها.
زواج نبوي قصير لكنه مشرق
بعد استشهاد زوجها الأول، عبيدة بن الحارث، أحد أبطال غزوة بدر، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثالثة للهجرة، في بادرة تكريم لزوجها الشهيد، ووفاءً لأهل الفضل. لكن لم تلبث زينب طويلًا في بيت النبوة، إذ توفيت بعد أقل من ثلاثة أشهر من زواجها، لتكون أولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم التي تُدفن بعد انتقاله إلى المدينة.
بصمة إنسانية لا تموت
ورغم قصر مقامها في حياة النبي، فإن سيرتها بقيت حيّة بين المسلمين. لم تُعرف كغيرها برواية الحديث أو خوض المعارك، بل تركت أثرًا من نوع مختلف: الأثر الإنساني. فقد مثّلت زينب بنت خزيمة نموذجًا للمرأة التي تُعطي بلا حساب، وتُحب الناس دون انتظار رد الجميل. حتى لقبت بلقبٍ خُلّد معها في حياتها وبعد رحيلها: “أم المساكين
أم المؤمنين في السماء قبل الأرض
زينب، المرأة التي خلدها الفقراء في دعواتهم، والمساكين في حاجاتهم، رحلت مبكرًا لكنها تركت درسًا خالدًا: أن المحبة والرحمة أعظم ما يمكن أن يخلّد الإنسان. هي “أم المساكين”، وستظل كذلك في ذاكرة السيرة، وفي وجدان كل من عرف معنى العطاء في زمن الشد