ما معنى قوله تعالى ﴿فِي بُيُوتٍ﴾ ؟.. دار الإفتاء توضح

كشفت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي عن التفسير الدقيق للفظ "البيوت" في قوله تعالى:
﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور: 36]، مشيرةً إلى أن المعنى أوسع بكثير مما قد يتصوره البعض؛ إذ لا ينحصر في المساجد فقط، بل يشمل كل مكانٍ يُذكر فيه اسم الله ويُعلَّم فيه العلم النافع.
بيوت الأنبياء وأهل الفضل في مقدمة البيوت التي أُذن لها أن تُرفع
استندت دار الإفتاء إلى ما رواه الإمام السيوطي في كتابه "الدر المنثور في التفسير بالمأثور"، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما تلا هذه الآية، سأله أحد الصحابة: "أي بيوت هذه يا رسول الله؟" فقال:
«بُيُوتُ الأَنْبِيَاءِ»،
فسأله أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "وهذا البيت منها؟" مشيرًا إلى بيت علي وفاطمة رضي الله عنهما،
فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلًا:
«نَعَمْ، مِن أَفَاضِلِهَا».
وهذا الحديث الشريف يُبرز أن الفضل لا ينحصر في الجدران، بل فيمن يسكنون البيوت ويحيونها بذكر الله والإيمان والعلم.
المعنى الأوسع للبيوت: أماكن الذكر والتعليم والتقوى
أكدت دار الإفتاء أن لفظ "البيوت" يشمل المساجد ومنازل أهل الإيمان، وكل مكانٍ يُقام فيه ذكر الله وتُتلى فيه آياته، ويُعلَّم فيه الناس الخير.
ونقلت عن الإمام أبو حيان الأندلسي في تفسيره "البحر المحيط" قوله:
"الظاهر أن ﴿فِي بُيُوتٍ﴾ مطلق؛ فيصدق على المساجد والبيوت التي تقع فيها الصلاة والعلم".
كما نقلت عن الإمام ابن عطية في "المحرر الوجيز" ما رواه عن عكرمة:
"أراد بيوت الإيمان على الإطلاق؛ مساجد ومساكن، فهي التي يُستصبح فيها بالليل للصلاة وقراءة العلم".
"أن تُرفع" ليست فقط بالبناء.. بل بالتعظيم والتهذيب
أوضحت دار الإفتاء أن المقصود بقوله تعالى:﴿أَنْ تُرْفَعَ﴾ لا يعني فقط رفع البناء أو تعليته، بل يشمل الرفع المعنوي من حيث الطهارة والتقدير والتعظيم والاحترام، وصيانتها عن اللغو والمعصية.
وقد ذكرت ما قاله الحافظ ابن الجوزي في كتابه "زاد المسير":
"وفي معنى﴿أَنْ تُرْفَعَ﴾ قولان؛ أحدهما: أن تُعظَّم؛ قاله الحسن والضحاك".
وهذا المعنى يُلزم المسلم بألا يجعل بيته مجرد مكان للسكن والنوم، بل يرفعه بذكر الله، وبإقامة الصلاة، وتلاوة القرآن، وتعليم أولاده معاني الإيمان.
رسالة للبيوت المسلمة: اجعلوا من بيوتكم أماكن نور وإيمان
من خلال هذا التفسير، توجّه دار الإفتاء دعوة لكل مسلم ومسلمة:
ليكن بيتك من البيوت التي أذن الله أن تُرفع، فلا تقتصر على زيارتك للمسجد فقط، بل اجعل من بيتك مكانًا يَفيض فيه الذكر، وتُحيا فيه السنن، وتُربى فيه الأسرة على العلم والدين.
فكل بيت تُقام فيه الصلاة ويُتلى فيه القرآن، أو تُعقد فيه حلقة علم، أو يُعلَّم فيه الأبناء مبادئ الشريعة، يدخل تحت هذا الفضل العظيم.
خلاصة المعنى والدعوة
يتضح من بيان دار الإفتاء المصرية أن "البيوت" في الآية الكريمة تشمل:
- المساجد التي هي بيوت الله في الأرض.
- بيوت الأنبياء والصالحين الذين عمّروها بالإيمان.
- المنازل التي تُقام فيها الصلاة ويُذكر فيها الله.
- الأماكن التي يُعلَّم فيها الناس الخير والعلم النافع.
فالآية دعوة لأن تتحول البيوت من أماكن مادية إلى محاريب روحية تُبنى فيها القلوب وتُربى فيها النفوس على طاعة الله.