عاجل

العبادة في الإسلام لا تقتصر على الصلاة فقط..العمل والسعي للرزق عبادة عظيمة

هل العمل عبادة؟
هل العمل عبادة؟

في تصور البعض، قد يبدو أن مفهوم العبادة في الإسلام يقتصر فقط على الصلاة، الصوم، والذكر، لكن الحقيقة أوسع وأشمل بكثير. فقد أكد العلماء والفقهاء، واستدلت دار الإفتاء المصرية بنصوص صريحة من الكتاب والسنة، أن العمل والسعي لطلب الرزق بنية صالحة هو عبادة عظيمة يثاب عليها المسلم في الدنيا والآخرة.

مفهوم العبادة في الإسلام: أكثر من مجرد شعائر

العبادة في اللغة هي التذلل والخضوع، أما في الاصطلاح الشرعي، فهي تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، كما نقل الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب"، والإمام الطبري في "جامع البيان". فقد قال الله تعالى:
﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5].

وأكد الشيخ ابن القيم في "مدارج السالكين" أن العبودية تقوم على أربع ركائز: قول القلب، وقول اللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح. وكلها تدخل في نطاق العبادة، ما دامت النية لله تعالى.

هل العمل عبادة؟ دار الإفتاء المصرية تجيب

أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتواها الشرعي، أن العمل المشروع الحلال بنية صادقة يُعد عبادة، بل من أعظم القربات. واستشهدت بقوله تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ [الملك: 15]، وهو أمر بالسعي في الأرض وطلب الرزق مع الاتكال على الله.

وأكد الإمام النسفي في تفسيره "مدارك التنزيل" أن المشي في مناكب الأرض لا يقتصر على التنقل فقط، بل يشمل كل وسائل الاسترزاق وطلب المعاش، وهو من الطاعات إذا نُوي به وجه الله.

النية .. أساس تحويل العادة إلى عبادة

توضح دار الإفتاء المصرية أن النية الصالحة هي أساس تحوّل العمل الدنيوي إلى عبادة عظيمة، كما ذكر الإمام الشاطبي في "الموافقات": "النية شرط في كون العمل عبادة"، أي أن أي عمل صالح كالسعي على الرزق أو خدمة المجتمع، إذا أُنجز بنية إرضاء الله، فإنه يتحول إلى عبادة يُثاب عليها المسلم.

حديث نبوي يؤكد: العمل في سبيل الله

استشهدت دار الإفتاء بحديث شريف عظيم يوضح مكانة العمل في الإسلام، رواه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"،وصححه بعض أهل العلم بطرقه وشواهده.عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«إن كان يسعى على أبوين كبيرين له ليغنيهما فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على صبيان له صغار ليغنيهم فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه ليغنيها ويكفها عن الناس فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان»
ويُظهر الحديث فضل النية في العمل، وأن المقاصد الطيبة تحول السعي الدنيوي إلى عبادة عظيمة، أما إذا خالطها رياء أو مفاخرة، فإنها تكون مردودة وغير مأجور عليها.

فهذا الحديث يبين أن السعي على الأهل والنفس بالكسب الحلال عبادة من أعظم أبواب القرب إلى الله.

الزراعة والصدقة الجارية..أجر لا ينقطع 

وفي حديث آخر رواه البخاري ومسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»، وقد علّق الإمام ابن حجر العسقلاني على الحديث في "فتح الباري" قائلًا: "إن أجر ذلك يستمر حتى بعد موت صاحبه، ما دام الغرس قائمًا يُنتفع به".

الإسلام دين يجمع بين العمل والعبادة 

ما سبق يؤكد أن العبادة في الإسلام شاملة لكل مناحي الحياة، وأن المسلم حين يعمل بنية صالحة، يكون في عبادة لا تقل شأنًا عن الصلاة أو الصيام، بل قد تسبقها أحيانًا بالأجر، خاصة إذا كان العمل فيه نفع للناس أو إعالة للأهل.

تم نسخ الرابط