عاجل

من أرض خيبر إلى صفحات التاريخ.. تعرف على الصحابية ليلى الغفارية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في وقت تتوجه فيه الأنظار دومًا نحو أسماء الصحابة الرجال الذين سطّروا أعظم البطولات في صدر الإسلام، تظل هناك أسماء نسائية لامعة تستحق التوقف عندها، لأنها شكّلت نماذج مشرقة في الإيمان والثبات والعطاء. ومن بين تلك الأسماء البارزة، تأتي الصحابية الجليلة ليلى الغفارية، التي لم تُنصفها كتب التاريخ كثيرًا، رغم ما قدمته من تضحيات وإنجازات، لاسيما خلال مشاركتها الفاعلة في غزوة خيبر، إحدى أهم المعارك الفاصلة في السيرة النبوية.

لم تكن ليلى الغفارية امرأة تقف على الهامش، بل آثرت أن تكون جزءًا من صناعة النصر، وقررت أن تترك بصمة واضحة في ميدان لم يكن مألوفًا للنساء آنذاك. في السنة السابعة للهجرة، وبينما كان المسلمون يستعدون لملاقاة يهود خيبر، التحقت ليلى بالصفوف الأولى، لا لتقاتل، بل لتقوم بدور لا يقل أهمية: مداواة الجرحى، وسقي المقاتلين، ودعم الصفوف الخلفية في أرض المعركة.

دورها الإنساني شكّل فارقًا كبيرًا في تلك الظروف القاسية، وأكسبها احترام النبي والصحابة، وأثبت أن المرأة قادرة على خدمة دينها ووطنها بمختلف الأشكال، حتى في لحظات الدم والسيوف.

قصة ليلى الغفارية لا يمكن فصلها عن الصورة الكاملة التي رسمها الإسلام لدور المرأة في المجتمع. فقد منحها الإسلام المكانة والفرصة، لا كمشاهدة صامتة، بل كشريكة في البناء والدعوة وحتى الجهاد. إلى جانب ليلى، برزت أسماء أخرى لنساء مجاهدات مثل نسيبة بنت كعب، وأم عطية الأنصارية، وأسماء بنت يزيد، وكلّهن شاركن في الغزوات أو أسهمن في الجبهة الخلفية، بما يملكن من قدرة وحكمة وعطاء.

الوجه الرحيم للحرب

رغم قسوة ساحات القتال، كانت ليلى تجسّد الوجه الآخر – وجه الرحمة والإنسانية. تتنقل بين الجرحى، تواسيهم، تطمئنهم، وتُقدّم العون للمصابين في أجواء يغمرها الخوف والدم. لم تحمل سيفًا، لكنها كانت بلسَمًا للجراح، وصوتًا للطمأنينة وسط ضجيج الحرب. لهذا، لقّبها بعض المؤرخين بـ”ممرضة الغزوات”، في إشارة إلى دورها المتكرر في عدة معارك لاحقة.

إرث نسائي يستحق الإحياء

اليوم، وبعد مرور قرون على رحيلها، تظل ليلى الغفارية نموذجًا فريدًا للمرأة المؤمنة الواعية، التي فهمت أن خدمة الدين لا تتوقف على صورة نمطية، بل تنبع من الإخلاص والعمل الجاد أيًا كانت صورته. إحياء سيرتها هو بمثابة تذكير بأن تاريخنا الإسلامي حافل بنماذج نسائية قوية، تستحق أن تُروى للأجيال، لا كمجرد قصص، بل كقدوات حية للفاعلية، والبذل، والعطاء. 

تم نسخ الرابط