عاجل

دار الإفتاء: المزاح مباح في الإسلام بشرط الالتزام بآدابه

د.هشام ربيع أمين
د.هشام ربيع أمين الفتوى

هل المزاح محرم في الإسلام؟. سؤال يتبادر إلى ذهن كثيرين، خصوصًا حين يشاهدون من يخلط بين الدعابة وبين التجاوزات اللفظية أو الإيذاء. وقد أجاب الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن هذا التساؤل من خلال منشور عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، موضحًا أن المزاح له أصل في الشريعة الإسلامية، ولكنه محكوم بآداب وضوابط شرعية تضمن أن يبقى في دائرة الأدب والاحترام.

النبي كان يمزح

وأوضح الدكتور هشام ربيع أن المزاح ليس ممنوعًا في الإسلام، بل ثبت عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم أنه كان يمزح، ولكنه لا يقول إلا حقًا، كما في الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما: «إني لأمزح، ولا أقول إلا حقًا». بل إنه صلى الله عليه وسلم، مازح طفلًا صغيرًا حين فقد طائره، قائلًا له: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟».

وهذا يُظهر أن النفوس تميل إلى اللطافة والبشاشة بطبيعتها، لكن الشريعة وضعت للمزاح إطارًا أخلاقيًا، حتى لا يتجاوز الحد المقبول.

آداب المزاح

1. الابتعاد عن المحرمات في المزاح

أول ضابط يجب مراعاته هو ألا يحتوي المزاح على قول أو فعل محرم، كـالغيبة أو النميمة أو السخرية من شعائر الدين، لأن الأصل في هذه الشعائر هو التعظيم، وليس الاستهزاء أو التقليل منها.

2. تجنب الفُحش والبذاءة

وأكد الدكتور هشام أن الكلام الفاحش لا يليق بالمسلم، حتى وإن كان بدعوى المزاح، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، وإن الله ليبغض الفاحش البذي» (رواه البخاري في الأدب المفرد).

3. المزاح لا يجب أن يؤذي أحدًا

ومن أهم الضوابط أيضًا، ألا يتسبب المزاح في إلحاق الأذى بالناس بأي شكل، سواء مادي أو معنوي. فالشرع نهى عن إيذاء الآخرين، واستدل د. هشام بقوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهتانًا وإثمًا مبينًا} [الأحزاب: 58].

ضبط النفس

وذكّر الدكتور هشام ربيع، بأن من وسائل ضبط النفس في المزاح هو استحضار قول الله تعالى:
{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم» (رواه البخاري).

ليس مرفوضُا

في النهاية، فإن المزاح في الإسلام ليس مرفوضًا، بل محمود إذا كان في إطاره الصحيح، بعيدًا عن الفحش والإيذاء والمحرمات؛ فتعاليم الإسلام دائمًا ما تُعزز القيم الراقية في التعامل حتى في أبسط الأمور.

تم نسخ الرابط