صيام الإثنين والخميس.. عبادة تجمع بين فضل الآخرة وصحة الدنيا

في ظل انشغال الكثيرين بمشاغل الحياة اليومية وضغوطها المتزايدة، تبقى بعض العبادات والسنن النبوية منارات هدى وطمأنينة، تهب النفس سكينةً وروحانية، وتعيد للقلوب صفاءها. ومن أبرز هذه العبادات التي أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، صيام يومي الإثنين والخميس، لما فيهما من فضل عظيم وأثر عميق على النفس والجسد.
الفضل النبوي
وبحسب ما ورد في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، فقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يحرص على صيام هذين اليومين، حيث رُوي في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تُعرض الأعمال يوم الاثنين ويوم الخميس، فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم". وهذا الحديث النبوي يكشف عن أحد أسرار هذا الصيام، وهو توقيت عرض الأعمال على الله سبحانه وتعالى، مما يدل على شرف هذا الزمان وفضله.
تهذيب النفس
ومن الجوانب الروحية لهذا الصيام، ما يشهده المسلم من تهذيب لنفسه، وتربية لإرادته، وكبح لشهواته. كما يعزز هذا الصيام الصبر والانضباط، ويعيد ترتيب أولويات الفرد، ويجعله أكثر تواصلاً مع ذاته وخالقه. ويُعد صيام الاثنين والخميس فرصة للاقتراب من الله، وجعل الأعمال الصالحة جزءًا من حياة المسلم اليومية.
الفوائد الصحية
أما من الناحية الصحية، فقد أظهرت دراسات حديثة أن الصيام المتقطع – والذي يشبه في نظامه صيام الاثنين والخميس – يساعد على تحسين عمل الجهاز الهضمي، وخفض مستوى السكر في الدم، وتعزيز صحة القلب. كما يعزز من قدرة الجسم على التخلص من السموم والفضلات، مما يسهم في تجديد الخلايا وتحسين أداء الأعضاء الحيوية.
ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم
وليس هذا فحسب، بل إن صيام الاثنين له فضل إضافي، حيث وُلد فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث رواه الإمام مسلم:" ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنزِلَ عَلَيَّ فِيهِ". وهذا ما يضفي على صيامه بُعداً حبياً وتقديراً ليوم ارتبط بأهم أحداث السيرة النبوية.
ويحث العلماء والمشايخ عموم المسلمين على اغتنام هذه الأيام بالصيام، خاصة في الأزمنة التي تشهد غفلة كبيرة عن السنن، معتبرين أن الالتزام بها لا يعود فقط بالنفع الروحي، بل يساهم أيضاً في تقوية الصلة بالله، وزيادة الحسنات، ومحو السيئات، في زمن تتكاثر فيه الفتن.
وبذلك، فإن صيام يومي الاثنين والخميس ليس مجرد عادة، بل عبادة سنّها خير الخلق، وجعل لها من الأجر والبركة ما يربط العبد بربه، ويمنحه طاقة متجددة لمواجهة صعوبات الحياة بقلب مؤمن وعقل مطمئن.