عاجل

سر لا يعرفه كثيرون بعد ختم القرآن: لماذا نقرأ الفاتحة وأول البقرة؟

سر لا يعرفه كثيرون
سر لا يعرفه كثيرون بعد ختم القرآن

يحرص المسلمون عند ختم القرآن الكريم على اتباع آدابٍ وسُنن توارثتها الأجيال، ومن أشهر هذه العادات قراءة سورة الفاتحة وأول خمس آيات من سورة البقرة بعد قول: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾. فما أصل هذه العادة؟ وهل لها أصل في السنة النبوية؟ وما رأي العلماء فيها؟

دار الإفتاء المصرية أجابت عن هذا التساؤل عبر موقعها الرسمي، ونقل الجواب عن فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، عضو كبارالعلماء بالأزهر الشريف، مفتي الجمهورية السابق، موضحة حكم هذا الفعل وأدلته من السنة النبوية وأقوال العلماء.

سنة نبوية محببة: "الحال المرتحل" سر الختمة المتجددة

أوضحت دار الإفتاء أن قراءة الفاتحة وأول سورة البقرة بعد ختم القرآن الكريم من السنن المحببة، مشيرة إلى حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«أحب الأعمال إلى الله الحال المرتحل»؛ أي الذي كلما ختم القرآن بدأه من جديد.

وقد نقل الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه الإتقان أن هذا العمل كان معروفًا في عهد النبي، بل كان يقرؤه عقب الختمة مباشرة، ويبدأ بسورة الفاتحة ثم أول البقرة إلى قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، قبل أن يدعو دعاء الختمة.

عمل السلف والخلف: عادة جرى عليها أهل الأمصار

قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن": من احترام القرآن الكريم أن يُفتتح به من جديد بعد كل ختمة، حتى لا يكون كالمهجور. وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك، وأيده الصحابة من بعده.

وأكد الإمام ابن الجزري في "النشر في القراءات العشر" أن هذا العمل كان معمولًا به في قراءة ابن كثير وأشهر القراء، مشيرًا إلى أن القارئ يكبر في نهاية المصحف، ثم يشرع بقراءة الفاتحة وخمس آيات من أول البقرة، ثم يدعو دعاء الختمة.

وقد سمّى العلماء من يفعل ذلك بـ"الحال المرتحل"، أي الذي حلَّ في نهاية المصحف ثم ارتحل إلى بدايته من جديد، وهو دليل محبة وعناية بكلام الله.

الحنابلة وخلاف الرواية عن الإمام أحمد

وفي المذهب الحنبلي، يُستحب أن يبدأ القارئ ختمة جديدة عقب الانتهاء، لكن نُقل عن الإمام أحمد بن حنبل قولٌ بعدم استحباب قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد الختم، لعدم ثبوت أثر صحيح عنده، كما ذكر ذلك ابن قدامة في "المغني".

لكن ابن مفلح في "الفروع" فصّل القول، موضحًا أن النهي ربما كان خاصًا بمن يقرأ قبل الدعاء، وليس نهيًا مطلقًا، بل يوجد رواية أخرى عن الإمام أحمد يستحب فيها قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد الختم.

ختامًا: لا حرج في فعله.. وفعله حسن

خلصت دار الإفتاء المصرية، نقلًا عن أقوال العلماء، إلى أن من قرأ الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن فقد أحسن، ومن لم يفعل فلا حرج عليه، مؤكدة أن هذا من الأمور التي جرى عليها عمل المسلمين في سائر الأمصار، منذ عهد النبي وحتى اليوم

تم نسخ الرابط