هل يصل ثواب الأعمال الصالحة إلى الأحياء والأموات؟ دار الإفتاء تُجيب
في ظل رغبة كثير من المسلمين في برّ من يحبونهم بالدعاء والعبادات، يتردد سؤال مهم: هل يجوز إهداء ثواب الأعمال الصالحة للغير؟ وهل يصل هذا الثواب بالفعل إلى الشخص المُهدى إليه سواء كان حيًا أو ميتًا؟
أجابت دار الإفتاء على هذا السؤال، مؤكدة أن إهداء ثواب الأعمال الصالحة للغير جائز شرعًا، ويصل إليهم بإذن الله، سواء كانوا من الأحياء أو من الأموات، وهو ما أقرّه جمهور العلماء واستدلوا عليه من الكتاب والسنة.
الأصل الشرعي في المسألة
استدلت دار الإفتاء على ذلك بما ورد عن النبي ﷺ أنه حين ضحّى قال:
“اللهم هذا عني، وعن من لم يضح من أمتي”
(رواه الإمام أحمد)
وهذا يدل على جواز إهداء ثواب العمل الصالح للغير، وأن الثواب يصل بإذن الله، لأن النبي ﷺ ضحى عن غيره.
آراء الفقهاء حول المسألة
1. رأي الحنفية والحنابلة (الأوسع جوازًا):
• أفتى علماء الحنفية والحنابلة بجواز إهداء ثواب جميع أنواع العبادات، سواء كانت من العبادات المالية (كالصدقة) أو البدنية (كالصلاة والصيام).
• قال الإمام الكاساني:
“من صام أو تصدق أو صلى وجعل ثواب ذلك لغيره من الأحياء أو الأموات جاز، ويصل ثوابه إليهم”
• وذكر ابن عابدين:
“الأفضل أن ينوي بالصدقة لجميع المؤمنين والمؤمنات؛ لأن الأجر يصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء”
2. رأي المالكية والشافعية (بتفصيل):
• رأى علماء المالكية والشافعية أن إهداء الثواب لا يجوز إلا في العبادات التي تقبل النيابة، مثل الدعاء، والصدقة، والحج، والعتق.
• أما العبادات البدنية المحضة، مثل الصلاة والصيام، فلا يصح عندهم إهداء ثوابها للغير.
• قال الإمام الدردير:
“يجوز التطوع عن الميت أو الحي بغير الحج، كصدقة ودعاء وهدي وعتق؛ لأنها تقبل النيابة”
• وذكر الإمام الماوردي أن الصيام عن الحي لا يجوز لأنه عبادة بدنية لا تقبل الإنابة.
⸻
الرأي الراجح الذي اعتمدته دار الإفتاء
أخذت دار الإفتاء بالرأي القائل بجواز إهداء ثواب جميع أنواع الأعمال الصالحة للغير، سواء أكان حيًا أو ميتًا، استنادًا إلى سعة رحمة الله وكرمه.
فالله عز وجل إذا سُئل أعطى، وإذا دُعي أجاب، ولا يعجزه أن يبلّغ الثواب لمن يشاء، حيًا كان أو ميتًا.
كيف يمكن إهداء ثواب الأعمال الصالحة؟
يمكنك أن تهدي الثواب لمن تحب من خلال:
1. الدعاء والاستغفار: من أفضل الهدايا الروحية، خاصة للمتوفين.
2. قراءة القرآن: ونيّة إهداء ثواب التلاوة لغيرك.
3. الصدقة: سواء صدقة جارية أو بسيطة، ويُستحب الإكثار منها.
4. الحج أو العمرة: يمكن أداؤهما عن الميت أو العاجز.
5. الذكر والتسبيح: وإهداء ثواب الذكر لمن تحب من الأحياء أو الأموات
