ماذا يحدث لو قبّلت وجه الميت بعد تكفينه؟.. الحكم الشرعي ومتى يُمتنع

في لحظات الوداع الأخيرة، تغمر الإنسان مشاعر مختلطة من الحزن والحنين، وقد يشعر برغبة شديدة في إلقاء نظرة أخيرة على من فارق الحياة، وربما تقبيله توديعًا ومحبة. لكن هذا الموقف الإنساني يثير تساؤلًا مهمًا: هل يجوز شرعًا كشف وجه الميت بعد تكفينه لتوديعه وتقبيله؟
دار الإفتاء المصرية وضّحت الحكم الشرعي لهذه المسألة في فتوى رسمية، لتضع النقاط على الحروف بشأن هذا السلوك المتكرر في الجنائز، ولتبين متى يكون جائزًا ومتى يُستحب تركه.
هل يجوز كشف وجه الميت لتوديعه بعد التكفين؟
أجابت دار الإفتاء بوضوح: نعم، يجوز شرعًا كشف وجه الميت بعد التكفين لتوديعه وتقبيله، سواء من قِبل أقاربه أو محبيه، ولا مانع في ذلك. بل إن هذا التصرف يتوافق مع هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وفعله السلف الصالح رضي الله عنهم.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبَّل عثمان بن مظعون رضي الله عنه بعد وفاته، ما يدل على مشروعية التقبيل بعد الوفاة كنوع من الرحمة والوداع الكريم.
لكن... متى يُمنع تقبيل الميت بعد التكفين؟
رغم أن الأصل في تقبيل الميت بعد التكفين هو الجواز، فإن هناك حالات معينة يُستحب فيها الامتناع عن ذلك، درءًا للمفاسد، ومنها:
•إذا كان في كشف وجه الميت أو تقبيله ما يُسبب فزعًا أو جزعًا شديدًا، خاصة لدى الأطفال أو النساء أو من لا يحتملون مشهد الموت.
•إذا تغيّر شكل وجه الميت بسبب مرض أو حادث أو نزف دموي، بما قد يترك أثرًا نفسيًا أو يساء تفسيره.
•إذا وُجد من يجهل حال الميت، وقد يُسيء الظن نتيجة تغيّرات في المظهر بعد الوفاة.
في مثل هذه الحالات، يُنصح بعدم الكشف عن وجه الميت أو تقبيله، سدًّا للذريعة وحفاظًا على حرمة الميت وراحة أهله.
ما حكم تقبيل الميت قبل التكفين؟
أوضحت دار الإفتاء كذلك أن تقبيل الميت قبل التكفين جائز شرعًا ولا حرج فيه، بل هو الأقرب للواقع من حيث الممارسة، حيث يودع أهل الميت فقيدهم قبل لفّه بالكفن، وتكون لحظة أخيرة يعبّرون فيها عن حبهم وحزنهم ومغفرتهم له.
هذا الفعل يحمل مشاعر صادقة، ويكون غالبًا مصحوبًا بالدعاء للميت بالرحمة والمغفرة، وهو من أعمال البر والوفاء.
حكمة الإسلام في وداع الميت
الإسلام دين يراعي المشاعر ويجمع بين الرحمة والتكريم، وقد شرع للمؤمنين أن يُكرموا موتاهم في حياتهم وبعد وفاتهم.
ومن ذلك إتاحة الفرصة لتوديعهم بطريقة لائقة إنسانيًا وشرعيًا، دون الوقوع في المحذورات، مثل الصراخ أو النياحة أو الاعتراض على قضاء الله.
خلاصة الحكم الشرعي
تقبيل الميت سواء قبل أو بعد التكفين جائز شرعًا، بل هو من السنة النبوية، ما لم يترتب عليه ضرر نفسي أو بدني أو مفسدة شرعية.
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية ذلك لتطمئن القلوب، وتوضح للناس حدود الشريعة في هذه اللحظات المؤثرة من الحياة.