أمريكا تطلب السيطرة على شريان الطاقة الأوكراني.. ابتزاز أم صفقة استراتيجية؟

في تصعيد جديد تسلط الضوء على أبعاد التوتر بين واشنطن وكييف، كشفت تقارير إعلامية عن ضغوط أمريكية غير مسبوقة على الحكومة الأوكرانية، تطالبها بالتنازل عن السيطرة على خط أنابيب الغاز الرئيسي الممتد من روسيا إلى أوروبا، في إطار ما وُصف بأنه "صفقة معادن" تفتقر للتوازن وتقترب من الابتزاز السياسي.
وبحسب وكالة "رويترز"، عقدت اجتماعات مغلقة يوم الجمعة، جمعت مسؤولين من الولايات المتحدة وأوكرانيا لمناقشة مقترحات واشنطن بشأن استثمارات مستقبلية في الموارد الطبيعية لأوكرانيا، مقابل استمرار الدعم العسكري واللوجستي.
ونقلت صحيفة "الجارديان" عن مصادر إن إدارة ترامب تضغط من أجل منحها امتيازات اقتصادية ضخمة، من بينها السيطرة على خط أنابيب الغاز الطبيعي الذي يمر بمدينة أوزهورود، غرب أوكرانيا، وصولًا إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وبحسب نفس المصادر، فإن المسودة الأمريكية الجديدة أكثر تشددًا من النسخة السابقة التي طُرحت في فبراير، حيث تطالب بمنح واشنطن حقوقا تتعلق بـ500 مليار دولار من المعادن النادرة، إضافة إلى النفط والغاز، في مقابل استمرار التعاون الأمني.
وتشمل الوثيقة كذلك بندًا يقضي بأن تتولى مؤسسة التمويل الأمريكية للتنمية -وهي جهة حكومية- إدارة خط الأنابيب الحيوي الذي يعود تاريخه إلى الحقبة السوفيتية، ويُعد من الأعمدة الرئيسية للبنية التحتية الأوكرانية في مجال الطاقة.
ومن جانبه، وصف فولوديمير لاندا، الباحث الاقتصادي بمركز الاستراتيجية الاقتصادية في كييف، التحركات الأمريكية بأنها "مبالغ فيها ومشحونة بطابع استعماري"، مشيرًا إلى أن الضغط الممارس على أوكرانيا يهدف إلى "انتزاع كل ما يمكن قبل أي تسوية سياسية محتملة".
وفي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لفرض رؤيتها عبر مفاوضين مقربين من ترامب، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده "لن تقبل أي صفقة لا تضمن تكافؤًا حقيقيًا في العوائد"، مشددًا على ضرورة أن تكون الاتفاقيات عادلة للطرفين.

"النفوذ مقابل السلاح"
يرى محللون أن الخطاب الأمريكي في هذه المرحلة يعكس تحولًا في أدوات الضغط الجيوسياسي، حيث لم تعد واشنطن تكتفي بتقديم الدعم العسكري مقابل التحالف السياسي، بل بدأت في المطالبة بحصص اقتصادية حقيقية داخل الدول التي تتلقى المساعدات.
وتطرح الصفقة المقترحة مع أوكرانيا عدة تساؤلات حول حدود السيادة، لاسيما وأنها تأتي في سياق حرب قائمة، ما يجعل خيارات كييف محدودة أمام الضغوط.
وفي تطور موازٍ، نفى المبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، أن يكون قد دعا إلى تقسيم البلاد، موضحًا أن تصريحاته فُسّرت بشكل خاطئ، بعدما شبّه أوكرانيا ببرلين ما بعد الحرب العالمية الثانية. لكنه أكد أن الخطة المقترحة تتضمن بقاء القوات الروسية في مناطقها الحالية، مقابل تمركز قوات أوروبية غربية في العاصمة كييف ومدن أخرى.
وفي خضم هذا الجدل، أعلنت مجموعة الاتصال الدفاعية لأوكرانيا عن مساعدات عسكرية جديدة تتجاوز 21 مليار يورو، في محاولة لتعزيز موقف كييف.
لكن في المقابل، واصلت روسيا هجماتها الجوية على البنية التحتية الأوكرانية، مستهدفة مستودعات ومواقع مدنية، في وقت تُبذل فيه جهود دولية لإحياء وقف إطلاق النار الذي اقترحته واشنطن في مارس الماضي.