عاجل

تجمعهما شبكة من المصالح المتبادلة

«إسرائيل وإندونيسيا».. تحالف في الظلام من أجل تهجير الفلسطينيين

«إسرائيل وإندونيسيا»
«إسرائيل وإندونيسيا» حلف الظلام بين الصهيونية وموطن الفلسطين

إسرائيل وإندونيسيا، دولتان متباعدتان جغرافيًا، ولكنهما مرتبطتان بشبكة رقيقة من المصالح المتبادلة، والآمال في المستقبل، والخوف من التقارب الشديد.. هكذا وصف العلاقة بين البلدين الصحفي الإسرائيلي يوآف شوستر. 

وبعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإندونيسي اليوم، حول إمكانية استقبال أهل قطاع غزة، والأحلام الصهيونية بأن تصبح إندونيسيا الوطن المستقبلي للفلسطينيين المُهجرين من القطاع، أصبحت أكبر دولة إسلامية في العالم تحت أنظار الاحتلال ليطرح السؤال نفسه: هل يخرج حلفاء الظلام إلى نقطة تفاهم؟ 

 

«إسرائيل وإندونيسيا» حلف الظلام

في عالم أصبحت فيه الدبلوماسية العلنية أمرًا شائعًا، هناك بعض الأطراف التي تختار البقاء في الظلام. وهذا هو حال إسرائيل وإندونيسيا – إذ تتأرجح علاقتهما بين العداء الشديد والمصالح المستقبلية. 

لفت تصريح الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو اليوم الأنظار إلى مستقبل علاقات بلاده مع الاحتلال، بعدما كشف استعداده لاستيعاب نحو ألف فلسطيني من قطاع غزة وزيادة النشاط الدبلوماسي مع إسرائيل. وجاء تصريحه، بعد تصريحات صريحة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن إمكانية تهجير أهل غزة إلى إندونيسيا، وهو ما تخدثت عنه الصحف العبرية أيضًا. 

في تقرير لموقع واللا العبري، وصفت إندونيسيا بأنها أكبر دولة إسلامية في العالم، والتي واصلت إظهار دعمها للفلسطينيين منذ اندلاع الحرب في غزة ــ من خلال الإدانات القوية، والمساعدات الإنسانية، والاستعداد للمشاركة في قوة حفظ السلام الدولية.

<span style=
«إسرائيل وإندونيسيا» حلف الظلام

وفيما حرصت إندونيسيا على اتخاذ موقف قوي لصالح الفلسطينيين وضد إسرائيل، فإنه يُعتقد بأن البلدين لا يتخليان عن إمكانية إقامة علاقات رسمية في المستقبل، وذلك أساسا انطلاقا من التفاهم المتبادل على أن مثل هذه العلاقة من شأنها أن تحقق منفعة مشتركة تفوق بكثير الضرر المحتمل.

لقد مر أكثر من 75 عامًا منذ أن أعلنت إندونيسيا استقلالها، ومنذ ذلك الحين لم تقم علاقات دبلوماسية مع دولة إسرائيل. ولقد حافظت أكبر دولة إسلامية في العالم، والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 270 مليون نسمة، على موقفها الداعم للفلسطينيين باستمرار، وعرفت نفسها كجزء من النضال العالمي من أجل حقوقهم. ولكن تحت السطح ــ وراء التصريحات القوية والخطابات المعادية لإسرائيل ــ توجد علاقات غير رسمية لا يسارع أحد إلى الاعتراف بها.

 

المصلحة الإسرائيلية: الوصول إلى الأسواق والنفوذ الإقليمي

بالنسبة لإسرائيل، لا تعتبر إندونيسيا وجهة رمزية فحسب، بل هي وجهة عملية أيضاً. كونها أسرع الاقتصادات نموًا في جنوب شرق آسيا، مع صناعات متنوعة وموارد طبيعية هائلة وروابط عميقة مع الدول الآسيوية والعالم الإسلامي.

كما تنظر إسرائيل إلى إمكانية إقامة علاقات مفتوحة مع جاكرتا باعتبارها اختراقا استراتيجيا - سواء من الناحية الاقتصادية أو كاستمرار لزخم اتفاقيات إبراهام.

ولا يخفى على المطلعين، الجهد الذي تبذله إسرائيل في هذا المجال منذ سنوات باستخدام أدوات ناعمة مثل ــ التعاون الأكاديمي، ووفود التكنولوجيا، ورجال الأعمال الذين يعملون من خلال دول ثالثة، وحتى تبادل المعرفة الأمنية على مستوى غير رسمي. لم يعد التواجد الإسرائيلي في معارض التكنولوجيا الطبية والتكنولوجيا الزراعية في إندونيسيا أمرا غير عادي، حتى لو كان يتم بموجب وثائق محايدة وبدون علامات تعريف.

<span style=
المصالح الإندونيسية والرفض المجتمعي

المصالح الإندونيسية والرفض المجتمعي

بالنسبة لإندونيسيا، تشكل العلاقات مع إسرائيل حقل ألغام سياسيا. فالمجتمع الإندونيسي، وخاصة النخبة الإسلامية، غير مستعد للتخلي بسهولة عن موقفه التقليدي الداعم للفلسطينيين. وأي محاولة للتقريب بين البلدان يتم فحصها من خلال عدسة مكبرة، وعادة ما يتم إحباطها من خلال ردود الفعل العامة القاسية.

ولكن خلف الكواليس، يدرك القادة الإندونيسيون جيدا الفوائد الكامنة في العلاقات مع إسرائيل ــ الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، وتحسين السمعة الدولية، وفرصة أن يكونوا جزءا من توازن جديد ضد النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة. وكان من بين الأفكار المطروحة في كثير من الأحيان إمكانية افتتاح مكتب تمثيلي اقتصادي غير رسمي في تل أبيب ــ وهي المبادرة التي نشأت ثم ماتت ثم تعود إلى الظهور كل بضع سنوات، وعادة تحت الضغط الأمريكي.

وفي تقريره، توقع شوستر، بأنه في حقبة ما بعد اتفاقيات إبراهام، أن إندونيسيا سوف تكون التالية. حتى أن الولايات المتحدة حاولت التوسط، وقدمت عدة عروض للمساعدات الاقتصادية واسعة النطاق كحافز لتطبيع العلاقات، ولكن الحساسية السياسية لا تزال تشكل عائقا. ورغم ذلك، فإن الاتصالات العملية لا تزال مستمرة. ولا يتوقف رجال الأعمال الإندونيسيين عن زيارة إسرائيل بجوازات سفر أجنبية، فيما يعمل السفراء السابقون كقنوات غير رسمية لنقل الرسائل، وحتى في مجال الطب، يتوسع التعاون - بما في ذلك حول الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم. 

<span style=
الدبلوماسية الهادئة والثمن العالمي

الدبلوماسية الهادئة والثمن العالمي

في الآونة الأخيرة، طلبت إندونيسيا الانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ــ وهو الطلب الذي تعتبره إسرائيل بمثابة تطور كبير يمكن أن يؤدي في النهاية إلى علاقات دبلوماسية علنية، وقد قوبل بشرط واضح: إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ويهدف هذا الطلب، الذي طرحته الدول الغربية الرائدة كجزء من الشروط الأساسية للمنظمة، إلى ضمان أن تحترم الدولة التي تسعى إلى أن تكون جزءًا من مجموعة الدول المتقدمة قيم الانفتاح والتعاون الواسع والحوار المتعدد الأطراف - بما في ذلك مع دولة إسرائيل.

وفي أعقاب ذلك، أبدت إندونيسيا بهدوء استعدادها من حيث المبدأ لاستكشاف إمكانية التطبيع التدريجي. وبحسب تقارير دبلوماسية، وافق المسؤولون الإندونيسيون على دراسة فتح قنوات رسمية في المرحلة الأولى - من خلال البعثات الاقتصادية أو المكاتب الدبلوماسية منخفضة المستوى. 

وترى إسرائيل في هذه الخطوة فرصة تاريخية، باعتبارها دولة إسلامية ذات وزن كبير على الساحة الدولية. كما أن التقييم في إسرائيل هو أنه إذا اضطرت جاكرتا إلى الاختيار بين استمرار الخلاف الدبلوماسي وتحقيق طموحها بالانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإنها ستجد صيغة تسمح بكلا الأمرين ــ مؤقتا على الأقل.

ورغم ما يفرضه الأمر الواقع من صعوبة في إقامة علاقات دبلوماسية في المستقبل القريب، لكن العلاقات السرية، التي تبدو في بعض الأحيان غير مرئية، هي في الواقع دليل على أن البلدين يعترفان ببعضهما البعض كشريكين محتملين، إن لم يكن في الوقت الراهن - ففي المستقبل.وفي عالم جيوسياسي يتغير بوتيرة مذهلة، ربما تكون العلاقات غير الرسمية هي التي ستضع الأساس لليوم الذي سترفرف فيه الأعلام جنبًا إلى جنب ــ ليس في القاعات المغلقة، ولكن على أسطح السفارات. خاصة بعدما أبدت إندونيسيا انفتاحًا لجزء قد يحقق الطموحات الإسرائيلية – الامريكية في تفريغ القطاع من سكانه بعد رفض قاطع من الدول العربية. 

تم نسخ الرابط