ما فضل العفو عن المسيء في الإسلام؟ .. دار الإفتاء تجيب

يعتبر العفو عن المسيء ومسامحته من أبرز القيم الإنسانية التي دعا إليها الإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية، جاء ذلك في العديد من النصوص التي تحث على ترك الانتقام واحتساب الأجر عند الله تعالى.
فى هذا التقرير يستعرض "نيوز رووم" فضل العفو الذى يعد طريقًا للوصول إلى عفو الله تعالى، وزيادة العزة للمؤمن.
العفو عن المسيء في القرآن الكريم والسنة النبوية
من خلال الفتاوى التي أوردها الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، المفتي السابق للجمهورية ودار الإفتاء المصرية، نرى أن الإسلام قد حث على العفو في العديد من آيات القرآن الكريم. على سبيل المثال، يقول الله تعالى: "فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل" [الحجر: 85]، ويقول أيضًا: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" [الشورى: 40]. وقد أشار العديد من علماء الإسلام إلى أن العفو عن المسيء لا يقتصر على تحسين العلاقات بين الناس فقط، بل هو سبيل للحصول على أجر عظيم من الله تعالى.
أحاديث نبوية تحث على العفو
في الحديث النبوي الشريف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا" (رواه مسلم)، مما يشير إلى أن العفو يعزز من مكانة الشخص في المجتمع ويزيد من عزته في الدنيا والآخرة. وقد أضاف القاضي عياض في "إكمال المعلم" أن العفو يعزز من هيبة الشخص ويجعله محط احترام الجميع.
العفو كطريق لرحمة الله ومغفرته
لقد جاء في القرآن الكريم أن "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ" [آل عمران: 133-134]، وهنا يشير الله تعالى إلى أن العفو عن الآخرين هو من الأعمال التي تقرب المسلم من رحمة الله وغفرانه. كما قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن": "العفو عن الناس أجلُّ ضُروبِ فعل الخير"، مما يعني أن المسلم الذي يعفو عن الآخرين يتمتع بمقام عظيم عند الله تعالى.
الفوائد النفسية والاجتماعية للعفو
العفو ليس مجرد عمل ديني يقتصر على الروحانية، بل له فوائد نفسية واجتماعية عظيمة. فقد بينت الأبحاث النفسية أن العفو عن الآخرين يساعد في تقليل التوتر والضغوط النفسية، ويعزز من التفاهم المتبادل والانسجام داخل المجتمعات. كما أن الشخص العافي غالبًا ما يشعر بالسلام الداخلي والراحة النفسية، وهو ما يزيد من استقراره الشخصي والاجتماعي.
إن العفو عن المسيء ليس فقط عبادة عظيمة ومكافأة إلهية، بل هو أيضًا سلوك اجتماعي يعزز من التعايش السلمي بين الناس ويعود بالنفع على المجتمع ككل. وقد بيّن لنا الإسلام من خلال آياته وأحاديثه النبوية أن العفو من صفات المؤمنين الذين يسعون دائمًا إلى إصلاح العلاقات وتحقيق الخير في الدنيا والآخرة.