بعد عودة ترامب... ما هي فرص التوصل لتسوية سياسية في السودان؟

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن إفريقيا عادةً ما تحتل مرتبة منخفضة في قائمة أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولكن في تطور نادر للأحداث، يبرز السودان كدولة تحتاج إلى تدخل أمريكي عاجل، حيث يمكن أن يكون النفوذ الأمريكي العامل الحاسم لإنهاء الحرب الأهلية الحالية هناك.
بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ولايتها الأولى، عملية مرهقة لإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بهدف تمهيد الطريق لتخفيف ديونه وإنعاش اقتصاده، وتحقق هذا الهدف في ديسمبر 2020. شملت العملية مصادقة وكالات الاستخبارات الأمريكية، والتفاوض على تسوية مالية بقيمة 335 مليون دولار كتعويض لضحايا الهجمات الإرهابية على الأمريكيين، والحصول على دعم الكونجرس. كما وُعد السودان بتطبيع العلاقات مع واشنطن، وتبادل السفراء لأول مرة منذ 25 عامًا.
التطبيع
وفي خطوة متوقعة، قام وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، مايك بومبيو، بزيارة السودان ليقترح أن توقيع السودان على الاتفاقيات الإبراهيمية وتطبيع العلاقات مع إسرائيل سيكون شرطًا لإزالته من قائمة الإرهاب.
اعترض وقتها القادة العسكريون والمدنيون السودانيون على هذا الشرط، بحجة أن الحكومة انتقالية وأن غياب البرلمان لا يمنحهم الصلاحية للدخول في معاهدات جديدة.
بحسب المجلة، لم يكن هناك خيار أمام السودان سوى القبول، أملًا في التخلص من العقوبات الأمريكية المتبقية. وبعد موافقة السودان على شروط وزارة العدل الأمريكية، أعلن ترامب بفخر في أكتوبر 2020 عن تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل.
تحديات عودة ترامب
أكدت المجلة أن هناك تحديات جديدة مع عودة ترامب للسلطة، وأن ملف السودان أصبح مختلفًا تمامًا عما كان عليه خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن، مشيرة إلى أن الأمل الذي رافق الحكومة الانتقالية في السودان قد تبدد تحت وطأة الحرب الأهلية.
أضافت المجلة أن الدعوة الأخلاقية للاستجابة لمعاناة السودان قد لا تكون كافية لإقناع إدارة تتبنى سياسة "أمريكا أولًا". ولكن هناك مصالح إستراتيجية ونفوذ غير مستغل لواشنطن في السودان، ما يجعل ترامب في موقع فريد لتقديم حلول تنهي هذه الحرب.
في 2020، أجرى بومبيو بأول رحلة جوية مباشرة بين تل أبيب والخرطوم لـ"تعزيز السلام مع إسرائيل". اليوم، يبدو أن فريق ترامب يستأنف العمل من حيث توقف، مركزًا على إحياء وتوسيع صفقة التطبيع. الشهر الماضي صرّح مستشار الأمن القومي، مايك والتز، الشهر الماضي: "مصالحنا الأساسية هي القضاء على داعش، ودعم إسرائيل، وحلفاؤنا في الخليج العربي".
وأشارت المجلة إلى أن الإدارة الأمريكية لا يمكنها تعزيز الاتفاقيات الإبراهيمية بينما تنهار إحدى الدول الموقعة عليها، لافتة إلى أن هناك فرصة للتوصل إلى تسوية توقف القتال، وتجنب كارثة إنسانية وإعادة السودان إلى مسار الحكم المدني.
وخلصت “فورين بوليسي” إلى القول إن عودة ترامب إلى الرئاسة فرصة للتوصل إلى اتفاق يُحقق الاستقرار في السودان والسلام في الشرق الأوسط. وأكدت أن إنهاء الحرب في السودان سيلعب دورًا كبيرًا للتصدي لانتشار الإرهاب، والتيارات التكفيرية، ويمنع عودة نظام إسلامي سابق مما يعزز مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.