ما سبب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا؟
لم يدم اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين تايلاند وكمبوديا طويلًا، حيث عاد التوتر ليخيم مجددًا على الحدود بين البلدين، مع إعلان بانكوك استمرار عملياتها العسكرية ضد جارتها، في تصعيد جديد ينذر بانفجار أوسع.
وأكدت تايلاند، أمس السبت، أنها ستواصل تحركاتها العسكرية، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف القتال بين البلدين في جنوب شرق آسيا، عقب اتصالات هاتفية أجراها مع قيادتيهما.
وقال رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول، في منشور على فيسبوك، إن بلاده ستواصل عملياتها العسكرية إلى أن يتم القضاء على أي تهديد أو ضرر يستهدف أراضيها وشعبها.

وأكدت السلطات العسكرية التايلاندية تنفيذ ضربات انتقامية استهدفت مواقع كمبودية، قبل أن تعلن لاحقًا مقتل أربعة جنود تايلانديين في اشتباكات دارت على طول الحدود المشتركة.
تايلاند تقصف مواقع كمبودية
في المقابل، أفادت وزارة الدفاع الكمبودية، عبر منصة إكس بأن القوات الجوية التايلاندية استخدمت طائرتين مقاتلتين من طراز «إف-16» لإلقاء سبع قنابل على عدة أهداف داخل الأراضي الكمبودية.
ويأتي هذا التصعيد بعد اشتباكات حدودية اندلعت هذا الأسبوع بين البلدين العضوين في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وأسفرت، بحسب حصيلة أولية، عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصًا، فضلًا عن نزوح مئات الآلاف من السكان على جانبي الحدود، وذلك بعد موجة عنف أولى شهدها شهر يوليو الماضي.
وجاء إعلان استمرار العمليات العسكرية بعد ساعات فقط من تأكيد ترامب أن بانكوك وبنوم بنه، اللتين تتنازعان على أراضٍ حدودية منذ عقود، توصلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وكان الرئيس الأمريكي قد كتب على منصته "تروث سوشيال": ""جريت محادثة ممتازة هذا الصباح مع رئيس وزراء تايلاند أنوتين تشارنفيراكول، ورئيس وزراء كمبوديا هون مانيه، بشأن تجدد الحرب الطويلة الأمد بين البلدين، وهو أمر مؤسف للغاية".
وأضاف ترامب أن الطرفين "اتفقا على وقف إطلاق نار كامل ابتداءً من هذه الليلة (الجمعة)، والعودة إلى اتفاق السلام الأصلي الذي جرى التوصل إليه برعايتي، وبمساعدة رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم".
وكان أنوتين قد صرّح، عقب اتصاله بترامب الجمعة، بأنه يجب إبلاغ العالم بأن كمبوديا ستلتزم ببنود وقف إطلاق النار، مشددًا على أن الطرف الذي انتهك الاتفاق هو من يتحمل مسؤولية معالجة الموقف، وليس من دفع ثمن تبعاته.

من جهته، أكد رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيه، في رسالة نشرها على فيسبوك السبت، أن بلاده لطالما التزمت بالحلول السلمية لتسوية النزاعات مشيرًا إلى أنه اقترح على الولايات المتحدة وماليزيا الاستعانة بقدراتهما الاستخباراتية لتحديد الطرف الذي بادر بإطلاق النار أولًا في 7 ديسمبر الجاري.
وكانت موجة عنف سابقة اندلعت في يوليو الماضي قد أودت بحياة 43 شخصًا خلال خمسة أيام، وتسببت في نزوح نحو 300 ألف شخص، قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة أمريكية وصينية وماليزية، علمًا بأن ماليزيا تتولى الرئاسة الدورية لرابطة "آسيان".
جذور الصراع
ويعود النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا إلى خلافات قديمة حول السيادة على مناطق تضم معابد تاريخية تعود إلى إمبراطورية الخمير، تقع على طول الحدود التي رُسمت في أوائل القرن العشرين خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
وكان البلدان قد وقعا اتفاقًا لوقف إطلاق النار في 26 أكتوبر الماضي برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن بانكوك علقت العمل بالاتفاق بعد أسابيع، عقب انفجار لغم أرضي أدى إلى إصابة عدد من جنودها.


