عاجل

ما حكم عمل "فينير الأسنان" ومدى تأثيره على الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب

حكم فينير الاسنان
حكم فينير الاسنان

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول: يلجأ بعض الناس إلى تركيب "الفينير" للأسنان أو ما يعرف بـ"القشور الخزفية للأسنان" أو "عدسات الأسنان" من أجل التداوي؛ حيث يحتاج لتركيبها إخفاءً لبعض العيوب الخِلْقِية، أو معالجةً لبعض مشاكل الأسنان؛ كتآكل طبقة المينا، أو حدوث كَسْرٍ أو تَصَدُّعٍ في الأسنان، ونحو ذلك؟ وهل يُعدُّ ذلك من تغيير خلق الله؟ وما حكم الطهارة مع وجوده في كل هذه الحالات؟

تجيب دار الإفتاء بأن تركيب "الفينير" للأسنان أمرٌ جائزٌ شرعًا بشرط ألَّا يكون فيه ضرر على الإنسان سواءٌ في الحال أو المآل، ويستوي في ذلك النساء والرجال، وألَّا يُقصد به التدليس، وأن يتم تركيبه لدى الأطباء المتخصصين المرخَّص لهم بممارسة هذا العمل لضمان اجتناب الضرر، ولا يدخل ذلك في تغيير خلق الله المنهي عنه، ولا يؤثر على تحقق الطهارة في الوضوء والغُسل .

حكم استخدام "الفينير" ومشروعية تركيبه من أجل التداوي

أما حكم استخدام "الفينير" ومشروعية تركيبه من أجل التداوي: فالأصل في استعماله دواءً وعلاجًا -على ضوء ما توصل إليه العلماء، وفي ظل المعارف والعلوم والتطورات الحديثة في مجال الطب والعلاج- الجواز؛ لأن التداوي من الأخذ بالأسباب وقد طلبه الشرع وندبه وحثَّ عليه؛ فعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوا؛ فَإنَّ اللهَ عَززَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَواءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الهَرَمُ»" أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود والترمذي في "السنن"، والهَرَمُ: الكِبَر؛ فقد جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، ومما تقرر في القواعد أن: "المُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إِطْلَاقِهِ حَتَّى يَرِدَ مَا يُخَصِّصُهُ"؛ كما ذكر الإمام الزركشي في "البحر المحيط"

قال الإمام الخَطَّابي في "معالم السنن" [في هذا الحديث إثبات الطبِّ والعلاجِ، وأن التداويَ مباحٌ غير مكروهٍ].

وقال الإمام عز الدين بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" [إن الطبَّ كالشرع وُضِع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن دَرْؤُهُ من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك].

ومجالات "الفينير" العلاجية الشائعة داخلة في أصل مطلوبية العلاج الذي سبق تقريره، ولا يُمنَع منها إلا ما كان ضرره راجحًا، بحيث تكون مفسدة استعمالهِ تفوق مفسدة تركه يقينًا أو بغلبة الظن، فقد تقرر شرعًا أن: "الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ المُسَاوِي أَوِ الأَشَدِّ" تَعَارَضَتْ َمْفَسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا"؛ كما في "الأشباه  والنظائر" للإمام السيوطي

قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" [المؤذيات والمؤلمات خلقها الله تعالى ابتلاءً للعباد وتمحيصًا.. وفُهِمَ من مجموع الشريعة: الإذنُ في دفعها على الإطلاق؛ رفعًا للمشقة اللاحقة، وحفظًا على الحظوظ التي أذِنَ لهم فيها، بل أذن في التحرز منها عند تَوَقُّعِها وإن لم تَقَعْ؛ تكملةً لمقصود العبد، وتوسعةً عليه، وحفظًا على تكميل الخلوص في التوجه إليه والقيام بشكر النعم. فمن ذلك: الإذنُ في دفعِ ألم الجوع والعطش والحر والبرد، وفي التداوي عند وقوع الأمراض، وفي التَّوَقّي من كلِّ مؤذٍ؛ آدميًّا كان أو غيرَه، والتحرُّزِ من المتوقَّعات حتى يُقدِّم العُدّة لها، وهكذا سائر ما يقوم به عيشُه في هذه الدار؛ من درء المفاسد وجلب المصالح.. وكونُ هذذا مأذونًا فيه: معلومٌ من الدين ضرورة].

مدى اعتبار تركيب "فينير الأسنان" من تغيير خلق الله المنهي عنه شرعًا

لا يُعَدُّ هذا الفعل تغييرًا لخلق الله تعالى المنهي عنه؛ لأن الضابط في تغيير خلق الله المنهي عنه أنْ يُسبب ضررًا لفاعله، ويعمل في الجسد عملًا يُغير من خلقته تغييرًا باقيًا؛ كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، وذلك لغير ضرورة أو حاجةٍ تنزل منزلة الضرورة، أما إذا خلا من ذلك فلا يُعدُّ تغييرًا لخلق الله، لا سيما إذا كان في فعل هذا الأمر مصلحة مباحة لفاعله 

تم نسخ الرابط