فاتح إفريقيا القائد العسكري عقبة بن نافع.. تعرف على حياته

الصحابي الجليل عقبة بن نافع الفهرى القرشي (629 - 683) هو تابعى و قائد عسكرى من أبرز قادة الفتح الإسلامى للمغرب فى عهد الخلافة الراشدة وبعدها الدولة الأموية، وكان والى (إفريقية) مرتين (47–55هـ) و(62-63هـ) فى عهدى معاوية بن أبى سفيان ويزيد بن معاوية. يُلقَّب بفاتح (إفريقية).
فاتح إفريقيا القائد العسكري عقبة بن نافع
عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أميّة بن الظرب بن الحارث بن عامر بن فهر القرشي، وُلد قبل الهجرة بسنة، في عهد رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أنّه لم يصحَبه (لكنه صحابي بالمولد، لأنه ولد على عهد النبي ﷺ). نشأ في بيئة إسلامية خالصة، ووالداه من السابقين إلى الإسلام، وهو أخ لعمرو بن العاص -رضي الله عنه-، وأمه هي النابغة؛ ولهذا فعقبة يُعدّ أخاً لعمرو بن العاص لأمّه، إلّا أنّ هناك روايات تذكر أنّهم أبناء خالة، وأخرى تقول أنّ عقبة ابن أخت عمرو بن العاص، وهو عموما من أقرباء عمرو بن العاص.
وقد تأثّر عقبة بن نافع بالبيئة التي تربّى ونشأ فيها؛ فشارك في الفتوحات الإسلامية، بل إنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولّاه قيادة الجيوش، لشجاعته وقوّته، علماً أنّ عمر كان يعطي القيادة للصحابة فقط، إلّا استثناءً في حقّ عقبة، الذي لمع نجمه كقائد ومحارب، خاصة في المغرب العربيّ.
شهد عقبة مع عمرو بن العاص فتح مصر، ثم شارك معه في المعارك التي دارت في أفريقيا (تونس حاليا)، فولاه عمرو برقة بعد فتحها، فقاد منها حركة الفتح باتجاه الغرب، فظهرت مقدرته الحربية الفائقة وحنكته وشجاعته، وعلا شأنه.
برزت شخصية القائد الإسلامي العظيم عقبة بن نافع كشخصية عسكرية كبيرة في التاريخ الإسلامي، وفي سجل الانتصارات العظيمة لأمة التوحيد. فهو من أوائل الفاتحين الذين شقوا طريق الإسلام عبر المغارب الأدنى والأوسط والأقصى منها حتى وصل سواحل الأطلسي أو ما يعرف حينها ببحر الظلمات. ولذلك، فإن لعقبة دور حاسم في التحول التاريخي والاجتماعي والسياسي الذي طرأ على الشمال الإفريقي في عصر التنوير الرباني ورسالة الإسلام. وله الفضل العظيم بعد فضل الله تبارك وتعالى في إيصال الدعوة الإسلامية إلى تلك الأصقاع وفي هداية أهل المغرب وسكانه من البربر (الأمازيغ) وغيرهم. ولذلك فقد كان من الطبيعي أن يتعرض كما تعرض غيره لحملات التشويه التي تريد النيل منه، والتي تضمنت اتهامه بارتكاب الجرائم والظلم والجور في حق الشعوب أصحاب الأرض الأصليين (سكان البلاد المفتوحة)، وبالقسوة في معاملة البربر (الأمازيغ) في شمال أفريقيا. وإن أكثر ما يُثار في هذ الصدد هو معاملته لزعيم قبيلة أوربه والبرانس كسيلة، والادعاء بأن عقبة قد أساء إليه وتعمد إهانته، وذلك في مسعى لتبرير نقض كسيلة للعهد مع المسلمين وانقلابه عليهم. وهنا سنعرض سيرة عقبة بن نافع الفهري كما نقلتها لنا كتب التراث ومصادره الرصينة والمحايدة وما جاد علينا البحث الحديث من تحقيق وتمحيص في سيرة أولئك الأبطال والقادة الكبار. ومن ثم سنتعرض لقضية تعامله مع كُسيلة، ونورد بعض الروايات التاريخية؟
هو عقبة بن نافع القرشي الفهري، نائب إفريقيا لمعاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد بن معاوية (رحمهما الله)، وهو الذي أنشأ القيروان وأسكنها الناس، وكان ذا شجاعة، وحزم، وديانة، وخلق رفيع. وقد شهد فتح مصر، واختطّ بها، فقد أسند معاوية بن أبي سفيان قيادة حركة الفتح في إفريقيا إلى هذا القائد الكبير. وكان عقبة قد شارك في غزو إفريقيا منذ البداية مع عمرو بن العاص، واكتسب في هذا الميدان خبرة واسعة، وكان عمرو بن العاص قد خلفه على برقة عند عودته إلى الفسطاط، فظل فيها يدعو الناس إلى الإسلام، وقد جاء إسناد القيادة إلى عقبة بن نافع خطوة موفقة في طريق فتح شمال إفريقيا كله، ذلك أنه لطول إقامته في برقة وزويلة وما حولها، منذ فتحها أيام عمرو بن العاص، أدرك أنه لكي يستقر الأمر للمسلمين في إفريقيا ويكف أهلها عن الارتداد، فلا بد من بناء قاعدة ثابتة للمسلمين ينطلقون منها في غزواتهم، ويعودون إليها ويأمنون فيها على أهلهم وأموالهم، فلما أسند إليه معاوية بن أبي سفيان قيادة الفتوحات في إفريقيا، أرسل إليه عشرة الاف فارس وانضم إليه من أسلم من البربر فكثر جمعه (ابن الأثير، الكامل في التاريخ،198، 483)، وسار في جموعه حتى نزل بمغمداش من سرت، فبلغه أن أهل ودان قد نقضوا عهدهم مع بسر بن أبي أرطأة الذي كان عقده معهم حين وجهه إليهم عمرو بن العاص، ومنعوا ما كانوا اتفقوا عليه من الجزية، فوجه إليهم عقبة قسماً من الجيش عليهم عمر بن علي القرشي، وزهير بن قيس البلوي، وسار معهم بالقسم الاخر من الجيش، واتجه إلى فزان، فلما دنا منها دعاهم إلى الإسلام فأجابوا، ثم واصل فتوحاته، فتح قصور كُوّار، وخاور، وغدامس، وغيرها.