ما حكم الصلاة بالقفازين(الجوانتي)لشدة البرد؟.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء على جواز الصلاة شرعا حال ارتداء القفاز (الجوانتي)، ولا يجب نزعُه ما دام يشق عليك ذلك بسبب شدة البرد، ولا حرج ولا كراهة.
بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة والمقصود باليدين
من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يسَّر لهم طريق العبادة، ورفع عنهم كل حرجٍ فيه؛ فما كلفهم إلا بما هو في طاقتهم ووسعهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾.
قال الإمام البغوي في معالم التنزيل: “﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾: يُسَهِلَ عليكم أحكام الشرع، وقد سَهَّلَ؛ كما قال جل ذكره: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ»”.
ومن المقرر شرعًا أنه ينبغي للمصلِّي عند سجوده أن يباشر الأرض بسبعة أعضاء مخصوصة؛ منها: اليدان؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ-، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: “هذه الأحاديث فيها فوائد؛ منها: أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها”.
والمقصود باليدين في الحديث: باطن الكفين؛ لما أخرجه الإمام ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ: عَلَى وَجْهِهِ، وَكَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَقَدَمَيْهِ، وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعَرًا أَوْ ثَوْبًا”.
قال الإمام الرافعي في العزيز شرح الوجيز: “والاعتبار في اليدين بباطن الكف”.
وقال العلامة العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني عقب استدلاله بهذا الحديث: “المراد باليدين: الكفان”.
والْكَفُّ: هي الرَّاحَةُ مع الأصابع، وسميت بذلك لأنها تكفُّ الأذى عن البدن؛ كما في المصباح المنير للعلامة الفيومي.
حكم وجود حائل بين أعضاء السجود والأرض مثل السجاد والحصير
معنى المباشرة هنا: أن يسجد المصلي على هذه الأعضاء السبعة المخصوصة دون حائل بينها وبين الأرض. ولهذا كانت علة المنع من تغطية اليدين في الصلاة هي عدم وجود حائل بينها وبين الأرض عند السجود، لا لكون اليدين يجب كشفهما في الصلاة. ولا يقال إن السجاد أو الحصير المفروش على الأرض أو في المسجد يعد حائلًا، وأن مثله في ذلك مثل القفاز ونحوه؛ بل هو كالأرض؛ لأنه ملتصق بها، ولهذا يقال للساجد عليه إنه ساجد على الأرض، بخلاف القفازين؛ فإنهما من ثياب المصلي ويتصلان به لا بالأرض؛ فيتعلق حكمهما بالنسبة للمصلي لا بالنسبة للأرض.
قال العلامة العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني: “استحب المباشرة بالوجه واليدين؛ لأن ذلك من التواضع، ولأجل ذلك كره السجود على ما فيه ترفه وتنعم من صوف وقطن، واغتفر الحصير؛ لأنه كالأرض”.
حكم صلاة من يصلي بالقفازين (الجوانتي) لشدة البرد
إذا شقّ على المصلي أن يباشر الأرض بكفَّيه وهما مكشوفتان عند سجوده؛ فله أن يسجد عليهما مع وجود حائل بينهما وبين الأرض؛ كأن يلبس القفاز الساتر لكفَّيه ونحوه، ولا يمنع ذلك من صحة الصلاة؛ قياسًا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتقي عند سجوده حر الأرض وبرودتها بفضول ثوبه، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يصلون وأيديهم داخل أكمامهم دون أن يخرجوها. فعن ابن عباس رضي الله عنهما “أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها” أخرجه الإمام أحمد وابن أبي شيبة


