ملتقى الأزهر: الدين والخلق أولى معايير اختيار شريك الحياة في ضوء الكتاب والسنة
أكدت الدكتورة لمياء متولي، أستاذ ورئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة بجامعة الأزهر، على الأهمية البالغة للزواج في الإسلام، مشيرة إلى أنه يمثل منهج الأنبياء وعبادة يؤجر عليها المسلم، ومصدر للذرية الصالحة التي تكون امتدادًا لعمله بعد موته.
التكافؤ بين الزوجين أساس شرعي لاختيار شريك الحياة
وأوضحت رئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية، أن الشارع الحكيم قد وضع معايير دقيقة لاختيار الزوجين، يأتي في مقدمتها الدين والخلق، فهما الأساس الذي لا يجوز التفريط فيه بحالٍ من الأحوال عند اختيار الزوج أو الزوجة، وهذا المعيار هو الضمان لاستقرار الأسرة وسعادتها، ومنها الأصل والحسب: أشارت إلى ضرورية تخيّر الأصل فالناس معادن.
وحذرت أستاذة الفقه، خلال الندوة الأسبوعية لملتقى المرأة بالجامع الأزهر، من الاكتفاء بمعايير الدنيا الزائلة، كـ المال أو الجمال وحدهما دون الدين، مستدلة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن تزويج النساء لحسنهن أو أموالهن خشية أن "يرديهن" أو "يطغيهن"، مؤكدة أن "لأمة سوداء ذات دين أفضل" من غيرها إذا افتقدت الأساس الديني، وأضافت أن الزواج يعزز أيضًا الشعور بالمسؤولية والقيام بحملها وتحمُّلها عن رضا وحب.
من جانبها أكدت د. فاطمة هنداوي، أستاذ بقسم البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، ووكيل كلية الدراسات العليا للقطاع العربي والشرعي، أن التكافؤ بين الزوجين يعتبر من الأسس التي فصل الإسلام فيها القول عند اختيار شريك الحياة ؛ أي أن يكون هناك تقارب في السن والثقافة، والنسب ، وذلك لحفظ مستوى الحياة الزوجية، والانسجام بين الزوج وزوجه، قال صلى الله عليه وسلم "زوجوا الأكفاء، وتزوجوا الأكفاء، واختاروا لنطفكم" ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "تَخَيَّروا لُنطفكم وانكحوا الأكفاء وأَنكحوا إليهم" . (رواه ابن ماجه).
فسوء الاختيار وغلبة النظرة المادية والسطحية التافهة من كلا الطرفين وعدم التدخل الحقيقي للأهل في قرار الزواج، من أهم أسباب ارتفاع نسب الطلاق، فعلينا بالعودة الى المعايير الشرعية وتغليب المقاصد الحقيقية للزواج لجلب الاستقرار والطمأنينة مرة أخرى للمجتمع.
أكدت الدكتورة حياة حسين العيسوي على الأهمية العظيمة للزواج، مشيرةً إلى أن الله عز وجل قد وصفه بـ "الميثاق الغليظ"، مما يدل على عمق هذا الارتباط وثقل مسؤوليته.
وأوضحت أن المنزل يجب أن يكون "سكنًا" يشعر فيه الرجل بالطمأنينة، داعيةً الرجال إلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان في مهنة أهله، أي يساعدهم فيما يفعلونه، ويكون غيورًا على أهل بيته.
وشددت الباحثة بالجامع الأزهر على أن الحياة الزوجية ليست مجرد "مشاعر عابرة أو لحظة جذابة"، بل يترتب عليها وجود أجيال، يحتاجون لبيت قائم على ثوابت راسخة، وهي الدين والأخلاق، والحكمة والصبر لتحمل تبعات المسؤوليات، والرحمة والتراحم بين الزوج والأبناء.
وأكدت أن أساس الاختيار يجب أن يكون على المقياس الثابت لا العابر؛ لأن الجمال يزول والمال يفنى، بينما الخُلق والدين يظلان الركيزة الأساسية، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تُنكح المرأة لأربع... فاظفر بذات الدين تربت يداك».
كما دعت الدكتورة حياة العيسوي أولياء الأمور إلى تيسير سبيل الإعفاف للشباب، مذكّرة إياهم بنموذج سيدنا شعيب عليه السلام عندما عرض على سيدنا موسى عليه السلام الزواج من إحدى ابنتيه، وشجعه على الإقبال على زواجها، مؤكدة أن ولي الأمر يجب ألا يتردد في إعفاف ابنته إن وجد لها كفؤًا




