الإرهاب الرقمي| مرصد الأزهر يحلل جريمة إعدام القاعدة لناشطة «تيك توك» في مالي
في تطور نوعي وخطير، شهد شمال مالي عملية إعدام علنية استهدفت الناشطة على منصة "تيك توك"، مريم سيسيه، على يد عناصر يشتبه بانتمائها إلى جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم "القاعدة" الإرهابي.
ويُشير هذا التصعيد إلى تحوّل في استراتيجية الجماعات المتطرفة من التركيز على السيطرة الميدانية إلى التوغل في الفضاء الرقمي واستخدامه كساحة جديدة للصراع والترهيب.
إعدام القاعدة لناشطة «تيك توك» في مالي
وقعت الحادثة في مدينة تونكا بإقليم تمبكتو، حيث تم اختطاف مريم سيسيه، التي كان يتابعها أكثر من مئة ألف شخص لمحتواها حول الحياة اليومية. وبعد يوم واحد من الاختطاف، نفذ المسلحون حكم الإعـ ـدام عليها رميًا بالرصاص في ساحة الاستقلال بالمدينة أمام جمع من السكان، متهمين إياها بالتعاون مع الجيش المالي ونقل معلومات عن تحركاتهم.
في ظل التطورات الأمنية الأخيرة في جمهورية مالي، يشير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن الجماعة، التي اعتادت على استهداف الجنود والمدنيين في السنوات الأخيرة، اتجهت هذه المرة نحو الأصوات المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة واضحة لتوسيع دائرة الترهيب وإسكات أي دعم رقمي للدولة أو الجيش المالي.
ويؤكد المرصد أن هذه العملية "الهمجية" تمثل تصعيدًا جديدًا في استراتيجية الجماعة المتطرفة، إذ تكشف عن انتقال بؤرة الإرهاب من ميادين القتال التقليدية إلى ساحات التواصل الاجتماعي. ويلفت إلى أن اختيار ناشطة رقمية كهدف لم يكن عشوائيًا بل يحمل رسالة مزدوجة:
للمجتمع المحلي: تأكيد قدرة الجماعة على المراقبة والعقاب في كل الفضاءات، الواقعية والافتراضية على حد سواء.
للنشطاء الرقميين: تهديد مباشر لإسكات أي دعم للجهود الحكومية على المنصات الرقمية.
كما يشير إلى أن الجريمة تُبرز بعدًا جندريًا وإنسانيًا خطيرًا؛ فاستهداف امرأة يضاعف من القسوة ويهدف إلى كسر إرادة النساء وإقصائهن من المجال العام.
لذا، يوصي مرصد الأزهر بضرورة تعزيز الأمن المعلوماتي والرقمي في مالي، إلى جانب الأمن الميداني، لحماية الناشطين والإعلاميين والنساء من التهديدات المتزايدة. كما يدعو إلى تضافر جهود الحكومة المالية والمنظمات الدولية لتطوير برامج تهدف إلى حماية الفضاء الرقمي من تغلغل الجماعات المتطرفة، التي تستخدمه كـ "منبر للدعاية الأيديولوجية" و"أداة لبث الخوف والسيطرة على المجتمعات المحلية".
