هل يستطيع ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة؟.. تحديات قانونية وتشريعية

في أعقاب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بهدف إنهاء المواطنة التلقائية للأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين أو أولئك الذين يحملون تأشيرات مؤقتة، دبت معركة قانونية جديدة حول تفسير حق المواطنة بالولادة.
ويسعى هذا الاقتراح، وهو جزء من حملة ترامب الأوسع نطاقًا ضد الهجرة، إلى إلغاء الحقوق الممنوحة بموجب التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة، والذي ضمن تاريخيًا المواطنة لأي شخص يولد على أرض الولايات المتحدة، بغض النظر عن الوضع الهجري لوالديه، وفقًا لتقرير نرته وكالة بلومبرج.
فهم حق المواطنة بالولادة وترامب
يذكر أنه تم اعتماد هذا الحق المنصوص عليه في بند المواطنة في التعديل الرابع عشر، في الأصل في عام 1868 لمعالجة وضع المواطنة للأفراد المستعبدين سابقًا بعد الحرب الأهلية.
تنص الفقرة على أن "جميع الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون للولايات المتحدة".
على مدى أكثر من قرن من الزمان، فسرت المحاكم هذا البند على أنه يعني أن الأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين مؤهلون للحصول على الجنسية الأمريكية.

مع ذلك، فإن هذا التفسير يتعرض الآن للطعن من خلال الأمر التنفيذي الصادر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يؤكد أن هؤلاء الأطفال ليسوا "خاضعين لولاية" الولايات المتحدة بنفس الطريقة مثل أولئك المولودين لمقيمين أو مواطنين قانونيين.
الأمر التنفيذي لترامب: تحول في التفسير
يهدف الأمر التنفيذي لترامب، الذي تم توقيعه بعد فترة وجيزة من تنصيبه، إلى استبعاد الأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين من الجنسية التلقائية من خلال القول إنهم ليسوا "خاضعين لولاية" الولايات المتحدة.
ينطبق الأمر على الأطفال المولودين لآباء موجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني أو بموجب تأشيرات مؤقتة، مثل تأشيرات الطلاب أو العمل أو السياحة. إن الأمر التنفيذي له عواقب فورية، حيث سيدخل حيز التنفيذ في 19 فبراير 2025، وسيمنع الوكالات الأمريكية من إصدار وثائق الجنسية لأولئك المتأثرين بالأمر.
تستند هذه الخطوة إلى تفسير للتعديل الرابع عشر يختلف عن القراءة التقليدية التي أقرتها المحاكم. تزعم إدارة ترامب أن المهاجرين غير المسجلين لا يدينون بالولاء للولايات المتحدة بنفس الطريقة التي يدين بها المواطنون أو المقيمون القانونيون، وبالتالي، لا يحق لأطفالهم الحصول على الجنسية الأمريكية.
ومع ذلك، يزعم المنتقدون أن هذا الموقف يتناقض بشكل مباشر مع أكثر من قرن من السوابق القانونية.
التحدي القانوني لأمر ترامب
تم الطعن على الفور في شرعية الأمر التنفيذي لترامب. رفعت جماعات الحقوق المدنية، بما في ذلك اتحاد الحريات المدنية الأمريكية، والعديد من الولايات دعاوى قضائية، بحجة أن الأمر ينتهك التعديل الرابع عشر.
وفقًا لهؤلاء المدعين، فإن المواطنة بموجب حق الولادة هي مبدأ أمريكي أساسي يضمن المساواة لجميع الأطفال المولودين على الأراضي الأمريكية، بغض النظر عن وضع الهجرة لوالديهم.
في الدعوى الأولى المرفوعة في المحكمة الفيدرالية في نيو هامبشاير، يزعم المدعون أن التعديل الرابع عشر كان يهدف إلى حماية جميع الأطفال المولودين في الولايات المتحدة، وليس فقط أولئك الذين لديهم آباء مواطنون أو مقيمين قانونيين.
يزعم الخبراء القانونيون أن أي محاولة لتعديل هذا التفسير القديم تتطلب تعديلًا دستوريًا، وليس أمرًا تنفيذيًا أحادي الجانب. تم رفع دعاوى قضائية أخرى من قبل 18 ولاية ومدينة مثل سان فرانسيسكو وواشنطن العاصمة، معارضة للأمر.
السياق التاريخي للمواطنة بموجب حق الولادة
كان مفهوم المواطنة بموجب حق الولادة موضوعًا للنقاش القانوني والسياسي لأكثر من قرن من الزمان. حدث أحد أهم التحديات القانونية في عام 1898 عندما مُنع وونغ كيم آرك، الطفل المولود في سان فرانسيسكو لأبوين صينيين، من العودة إلى الولايات المتحدة بعد رحلة إلى الخارج.
حكمت المحكمة العليا الأمريكية بأن وونغ كان خاضعًا للولاية القضائية الأمريكية، وبالتالي فهو مواطن أمريكي، وذلك لأنه ولد على أرض أمريكية. وأكد هذا الحكم التاريخي مبدأ المواطنة بالولادة لأطفال الآباء غير المواطنين.
وعلى الرغم من هذا الحكم، حاول معارضو المواطنة بالولادة بشكل دوري الطعن فيه. في عام 2024، قدم السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام قانون المواطنة بالولادة، والذي يهدف إلى إنهاء ممارسة منح الجنسية لأطفال المهاجرين غير المسجلين. ومع ذلك، لم تنجح مثل هذه المحاولات التشريعية حتى الآن، حيث لا تزال القضية مثيرة للجدال داخل المشهد السياسي.
آراء الخبراء حول اقتراح ترامب
ينقسم الخبراء القانونيون حول النجاح المحتمل للأمر التنفيذي لترامب. يزعم توماس وولف، مدير مبادرات الديمقراطية في مركز برينان للعدالة، أن الأمر من المرجح أن يُلغى بسبب تعارضه مع أحكام المحكمة العليا الراسخة، وخاصة قرار عام 1898 في قضية وونغ كيم آرك.
ويؤكد وولف أن الأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين يخضعون للقانون الأمريكي وبالتالي مؤهلون للحصول على الجنسية التلقائية، تمامًا كما قررت المحكمة قبل أكثر من قرن من الزمان.
من ناحية أخرى، يدعم علماء القانون المحافظون، مثل هانز فون سباكوفسكي من مؤسسة هيريتيج، فكرة أن التعديل الرابع عشر لا يمنح الجنسية للأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين.

ويؤكد فون سباكوفسكي أن عبارة "خاضع للاختصاص القضائي" لا تشير فقط إلى الخضوع لقوانين الولايات المتحدة ولكن إلى ولاء الشخص للبلاد. ويزعم أن المهاجرين غير المسجلين، بحكم ولائهم لبلدانهم الأصلية، لا يخضعون للولاية القضائية الأمريكية لأغراض الجنسية.
ومع ذلك، يحذر وولف من أن تغيير الجنسية بالولادة من شأنه أن يغير المجتمع الأمريكي بشكل جذري، مما قد يتطلب من الوالدين إثبات جنسيتهم عند ولادة أطفالهم. ويشير إلى أن مثل هذا التحول قد يؤدي إلى فرض تمييزي، مما يؤثر بشكل غير متناسب على مجتمعات معينة ويخلق فوضى في النظام.