عبد الحليم حافظ نموذجا.. كيف وظف المنشدون ألحان المطربين في مدح النبي|خاص
قال الباحث الصوفي مصطفى زايد إن عالم الإنشاد الديني يمثل حالة فريدة تجمع بين الإبداع الفني والتجلي الروحي، وإن الموسيقى تشكل الوعاء الأجمل الذي يحمل الكلمات المقدسة إلى قلوب المستمعين ويمنحها حياة من نغم وشجن وتأمل.
التراث الغنائي العربي
وأوضح “زايد” في تصريح خاص ل"نيوز رووم "أن ظاهرة استعانة المنشدين والمداحين بألحانٍ من التراث الغنائي العربي ليست وليدة الصدفة، بل هي نتاج رؤية فنية وروحية عميقة تهدف إلى توصيل الرسالة الدينية بأكبر قدر من التأثير والجمال، لافتًا إلى أن اختيار لحنٍ خالد من إبداع السنباطي أو عبد الوهاب أو بليغ حمدي يضمن للقصيدة قاعدة موسيقية متقنة وعذبة اختُبرت عبر الزمن ولامست وجدان الملايين.
حب إلهي وشوق نبوي
وأوضح مصطفى زايد أن هذه الألحان المألوفة تعيد إحياء ذاكرة السامع العاطفية، فتتحول مشاعر الغزل الأرضي إلى حب إلهي وشوق نبوي، مؤكدا أن عبقرية المنشد تتجلى في قدرته على نقل المستمع من عالم العاطفة إلى فضاء الروح، ليصبح الفن وسيلة للتطهير القلبي والتقرب إلى الله.
وأضاف الباحث الصوفي أن هذا الأسلوب يسهم كذلك في تقريب فن الإنشاد من الأجيال الجديدة، إذ يسهل على الجمهور حفظ القصائد المُلحنة على ألحانٍ معروفة، فيتحول اللحن إلى جسرٍ يجمع بين الأصالة والتجديد. كما اعتبر زايد أن استخدام ألحان الفنانين الكبار هو نوع من التكريم لتراثهم، إذ تُعاد ولادة الجمال في سياق ديني سام.
شوق روحي
واستشهد" زايد "بعدد من النماذج، منها أداء قصيدة "طوفوا بالبيت العتيق" على لحن أغنية "أهواك" لعبد الحليم حافظ، حيث تحوّل الشوق العاطفي إلى شوق روحي نحو بيت الله الحرام, وكذلك أغنية “روحوا له الميدبنة ”في مدح النبي صلى الله عليه وسلم على ألحان “قولوا له الحقيقة” والتي غناها عبد الحليم بنفسه شوقا لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك قصيدة "تائبون" التي غُنِّيت على لحن "فاتت سنين" لوردة، وأيضًا لحن "كان لي قلب" لفايزة أحمد الذي صار في بعض الإنشاد المعاصر ترجمانًا للشوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
عبقرية اللحن وقداسة الكلمة
وأكد “زايد” أن هذه الظاهرة لا تمثل إساءة للإنشاد الديني، بل هي تعبير راق عن تقديس الجمال وتسخيره لخدمة المعنى السامي، فهي لقاء فريد بين الفن والروح، وبين عبقرية اللحن وقداسة الكلمة، وتجسيد لفكرة أن الموسيقى الجميلة يمكن أن تكون طريقًا للنور والصفاء والسمو الروحي.



