الدكتور عمرو الورداني : العبادة تتحول بالإتقان إلى حضارة
قال الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإتقان هو البعد الثاني من أبعاد بناء حضارة الإنسان ، موضحا أن المعرفة هي "نور الوعي"، بينما الإتقان هو "روح الفعل" التي تحوّل الفكرة إلى أثر في الحياة، وتجعل النية ليست مجرد قصد للخير، بل شهادة وشهودا في الواقع.
وأضاف الدكتور الورداني، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أن الله سبحانه وتعالى جعل في كل شيء روحا، فهي التي تمنح الأشياء الحياة والقدرة على التفاعل معنا، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: “أحد جبل يحبنا ونحبه”، مبينا أن إدراك روح الأشياء والإتقان في التعامل معها هو ما يجعل العمل متصلا بالله وممدودا بمدده.
وأشار إلى أن العبادة تتحول بالإتقان إلى حضارة، موضحا أن حديث النبي ﷺ: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه” هو من جوامع الكلم التي تؤكد أن الإتقان ليس مجرد أداء مهني، بل هو عبادة عملية تربط العبد بربه وتُظهر يد الله في كل فعل متقن.
وتابع الورداني: الإتقان يعلم الإنسان الاتصال بالله، لأنه من خلاله يرى الجمال الإلهي في كل شيء، ويدرك أن الله سبحانه وتعالى كتب الإحسان على كل شيء، وأحسن خلق كل شيء، فيرى أن يد الله قبـل يده، وأن توفيقه هو سر نجاحه.
وأوضح أمين الفتوى أن البركة لا تأتي من كثرة الحركة، بل من الإتقان، مشيرًا إلى أن الإتقان في الإسلام ليس مجرد مهارة فنية، بل هو منهج للعدل والاعتدال في الفعل، مثلما أن العدل والاعتدال في الفكر معرفة، وفي القلب جمال.
وأكد عمرو الورداني أن الإتقان هو السبيل لرفعة الأمة، لأنه يحّول النية الطيبة إلى أثر حضاري، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى وعد برفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات، وأن العلم الحقيقي هو الذي يُثمر إتقانًا، والإتقان هو الذي يُنتج حضارة.
وقال الورداني إن الإتقان يبني عمرانا ماديا وأخلاقيا في آن واحد، لأنه يربي الإنسان على الدقة والمسؤولية، ويجعله يعيش وهو يشعر أن الله يراه في كل عمل، مستشهدًا بقوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم}، مؤكدًا أن أعظم مكافأة للعبد هي أن يكون محل نظر الله، وأن يرى الله أثر إحسانه في الحياة.
https://youtu.be/9EOJdgq82WM?si=P6fjochvJH2ZNbLx


