لماذا تحدث ترامب عن الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي ؟
قالت الدكتورة مونيكا وليم الكاتبة والباحثة في العلاقات الدولية إن حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي رغم رفض إسرائيل القاطع للإفراج عنه يمكن قراءته من عدة زوايا مترابطة كونه إشارة سياسية محسوبة تستبطن رسائل متعددة للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء.
وأوضحت الدكتورة مونيكا وليم في تصريح خاص لموقع نيوز رووم، أن البرغوثي ليس مجرد أسير سياسي بل رمز وطني فلسطيني يتمتع بشرعية نضالية وشعبية واسعة داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها، وينظر إليه في الأوساط الفلسطينية باعتباره الشخصية الوحيدة القادرة على توحيد الصفوف المنقسمة بين حركتي فتح وحماس.
وأضافت وليم أن إشارة ترامب لاسمه خلال تصريحه الصحفي مع مجلة تايم الأمريكية تعكس إدراكًا متزايدًا داخل الدوائر الأمريكية بأن معادلة التسوية السياسية لن يكتب لها النجاح في ظل غياب قيادة فلسطينية تحظى بالثقة والقبول الشعبي.
وأشارت إلى أن ترامب المعروف بنهجه البراجماتي وتوظيفه للرموز السياسية لخدمة أهدافه التفاوضية، يدرك أن البرغوثي يمكن أن يشكل ورقة ضغط ذات طابع مزدوج: من جهة رسالة للفلسطينيين بأن واشنطن تدرس خيارات جديدة لملف القيادة وتبرز قناعة لديها بأن السلطة الفلسطينية تمر بحالة ضعف مؤسسي ، ومن جهة أخرى تذكير لإسرائيل بأن رفضها المطلق لإطلاق سراحه يحد من فرص بناء قيادة فلسطينية يمكن أن تتفاوض بجدية وتملك قاعدة شرعية حقيقية.

د. مونيكا وليم: حديث ترامب عن البرغوثي محاولة أمريكية لإعادة إنتاج النظام الفلسطيني مناسب مع المسار التفاوضي
ولفتت إلى أن في ظل تصريحات ترامب بأن “الفلسطينيين لا يملكون قائدًا واضحًا الآن”، يصبح استدعاء اسم مروان البرغوثي في هذا التوقيت انعكاسًا لمحاولة أمريكية لاختبار إمكانية الدفع باتجاه إعادة إنتاج النظام السياسي الفلسطيني، بما يتناسب مع أي مسار تفاوضي مستقبلي أو حتى تسوية إقليمية أوسع.
كما أن طرح اسم البرغوثي يتزامن مع ما يدور في دوائر صياغة تفاهمات رصينة بشأن إصلاح السلطة الفلسطينية وتجديد شرعيتها، وهو ما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأطراف الإقليمية إلى تحقيقه كشرط أساسي لإعادة إطلاق عملية السلام.
وعلى رغم أن إسرائيل ترفض بشكل قاطع الإفراج عن البرغوثي لأنه مدان بقتل إسرائيليين فإن إثارة ترامب للموضوع يمكن أن يتم فهمها كنوع من الضغط السياسي غير المباشر على حكومة تل أبيب بمعنى آخر واشنطن لا تطلب رسميًا الإفراج، لكنها تلوح بإمكانية طرحه كورقة تفاوضية إذا تطلبت التسوية المستقبلية شخصية فلسطينية موثوقة تقود المرحلة القادمة.

واختتمت الدكتورة مونيكا وليم الكاتبة والباحثة في العلاقات الدولية أن واشنطن تحاول إعادة هندسة المشهد الفلسطيني ضمن رؤية تستهدف إنتاج شريك يمكن الاعتماد عليه في أي اتفاق قادم، ومن هذا المنطلق، فإن ذكر البرغوثي ليس مجرد رد علي استفسار، بل خطوة محسوبة تعيد تفعيل ملف القيادة الفلسطينية في ضوء التغيرات الإقليمية والدولية، وتضع إسرائيل أمام معادلة صعبة إما القبول بتسوية مع قيادة ضعيفة بلا شرعية، أو التعامل مع رمز وطني قادر على فرض معادلة جديدة في توازنات الصراع.



