«ربنا يبتليك».. هل يجوز الدعاء بالمرض على الجار المؤذي فاحش اللسان؟

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول: "ما حكم الدعاء على المؤذي؟ حيث يوجد سيدةٌ قريبةٌ لأحد الأشخاص ينطبق عليها ألد الخصم، فاحشة القول، بذيئة اللسان، تؤذي جيرانها، هذه السيدة سبته بألفاظ غير أخلاقية على مرأى ومسمع من الكثيرين، علمًا بأن هذا ليس أولَ موقف تجاهه، وفي لحظة ضيقٍ وضعف لجأ إلى القوي الجبار، وقام بالليل وصلى ركعتين ودعا على هذه السيدة أن يصيبها الله بمرضِ السرطان، وألحَّ في الدعاء. أرجو رأي الدين فيما تفعله هذه السيدة، ورأي الدين في دعائي عليها".
الدعاء بالمرض على الجار المؤذي
ومن جانبها قالت دار الإفتاء إن سلوك المرأة المذكور فيه إثمٌ وخروج عن طاعة الله ورسوله، ولكن يستحب أن تردّ الإساءة بالمعروف، وأن تدعو لها بالهداية لعلها تتوب، واذكر قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]. ولا ينبغي الدعاء عليها بالمرض؛ لأنه إيذاءٌ للمسلم وضررٌ به، وإنما يمكنك اللجوء إلى القضاء إذا أصرَّتْ على الإساءة.
حكم إيذاء الجار
أكدت دار الإفتاء المصرية أن إيذاء الجار وسبَّه بألفاظ غير لائقة يُعد ذنبًا عظيمًا ومعصيةً لله ورسوله، مشددةً على أن حسن معاملة الجيران من علامات الإيمان الصادق، وأن الإسلام جعل للجار مكانةً سامية توجب الإحسان إليه وكفَّ الأذى عنه قولًا وفعلًا.
وأضافت دار الإفتاء أن الإسلام دعا إلى مقابلة الإساءة بالإحسان، مستدلةً بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [فصلت: 34]، مشيرةً إلى أن الصبر على الأذى والتعامل بالحكمة والأخلاق الحسنة قد يكونان سببًا في هداية المسيء وردّه إلى الصواب.
وشددت الدار على أنه لا يجوز الدعاء على الجار أو أي مسلم بالمرض أو الضرر، لأن الدعاء في هذه الحالة يتحول إلى نوع من الإيذاء، وهو محرم بنص حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (رواه الإمام مالك)، موضحةً أن المؤمن الحق يدعو لأخيه بالهداية والإصلاح لا بالأذى والشر.
ودعت دار الإفتاء المتضررين من أذى الجيران إلى التحلي بالحلم وضبط النفس، وعدم الرد بالمثل، مؤكدةً أن الترفع عن السباب والخصومة من صفات المؤمنين ذوي الحظ العظيم كما قال تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 35].
وفي الوقت نفسه، أوضحت أنه لا مانع من اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة إذا استمر الأذى أو الإساءة، من أجل ردع المعتدي وصيانة الحقوق، مؤكدةً أن الإسلام لا يقر الظلم أو الاعتداء، وأنه دين عدل ورحمة.