دار الإفتاء: يجوز اتفاق الزوجين على نفقات الأولاد بعد الطلاق

كثرت حالات الطلاق في الفترة الأخيرة وما يترتب عليه من مشكلات تكون فيه الأطفال هم الضحية بين الزوجين؛ بسبب الرؤية أو النفقة أم ما شابه من تلك المشكلات التي تترتب على الطلاق، ومن بين تلك المشكلات الاتفاق على النفقة بين الزوجين.
الاتفاق على النفقة
ومن جانبها أكدت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعًا من اتفاق الزوجين على تحديد نفقات أولادهما بعد الطلاق في عقد مكتوب، ما دام هذا الاتفاق يحقق مصلحة الأبناء، مشيرةً إلى أن هذا الترتيب يُعد جائزًا شرعًا وملزمًا للطرفين ما لم تتغير الظروف المعيشية أو الاقتصادية، التي يجوز عندها تعديل بنود الاتفاق بالزيادة أو النقصان بما يحقق مصلحة الصغار.
وأوضحت الدار، في بيانها الصادر ردًّا على سؤال حول مدى جواز الاتفاق على النفقات بعد الطلاق وإمكانية تعديلها، أن نفقة الأولاد واجبة شرعًا على الأب متى كانوا صغارًا لا مال لهم، باعتبار أن الصغر عجزٌ عن الكسب.
واستدلت دار الإفتاء بقول الله تعالى:﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، مشيرةً إلى أن هذه النفقة تشمل الطعام والكسوة والعلاج وسائر متطلبات الحياة الضرورية.
وجوب نفقة الصغار على الأب
وأضافت أن الفقهاء أجمعوا على وجوب نفقة الأب على أولاده الصغار، سواء أكانت الحياة الزوجية قائمة أو منتهية بالطلاق، مؤكدةً أن الإنفاق واجب على الأب بالمعروف بما يتناسب مع قدرته المادية، وأن العبرة في تقدير النفقة هي كفاية الأولاد وتحقيق مصلحتهم.
وبيّنت دار الإفتاء أن الاتفاق المكتوب بين الزوجين بعد الطلاق لتحديد النفقة يُعد عقدًا صحيحًا وملزمًا للطرفين شرعًا، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وإلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «المسلمون على شروطهم ما وافق الحق منها». وشددت على أنه لا يجوز لأحد الطرفين الرجوع عن هذا الاتفاق أو تعديله من تلقاء نفسه إلا في حال تغيّر الأحوال الاقتصادية بما يؤثر على كفاية النفقة.
وأكدت الدار أن النفقة ليست مبلغًا ثابتًا، بل تخضع للتغيير تبعًا لتقلب الأسعار أو تغير حالة الأب يسارًا أو إعسارًا، موضحةً أن الشريعة راعت مرونة الأحكام بما يحقق العدالة ومصلحة الصغار، وهو ما أخذ به القانون المصري الذي أجاز تعديل أحكام النفقة تبعًا للظروف.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن الهدف من هذه الترتيبات هو تجنب النزاعات الأسرية وضمان حقوق الأبناء بعد الطلاق، داعيةً الأزواج إلى إدارة الخلافات بطريقة حضارية تقوم على المعروف والإحسان واستصحاب الفضل، لما في ذلك من حفظ للروابط الإنسانية وتحقيق لمقاصد الشرع في رعاية الأسرة.