عاجل

حقيقة عودة مصر للمصالحة مع الإخوان.. كيف تنظر الدولة لهذه الخطوة؟

الإخوان
الإخوان

تشهد الساحة السياسية المصرية حالة من الجدل بعد تداول أنباء عن مبادرة جديدة للمصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان، في محاولة لإغلاق ملف طال أمده منذ أكثر من عقد. وتأتي هذه التحركات وسط دعوات من شخصيات عامة وسياسية إلى إعادة بناء الثقة وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، في وقت تسعى فيه الدولة لترسيخ الاستقرار السياسي وتعزيز وحدة الصف الداخلي.

مصالحة الإخوان مع الدولة

ويرى خبراء أن أي خطوة نحو المصالحة يجب أن تستند إلى أسس قانونية ووطنية واضحة تضمن عدم الإخلال بمبدأ سيادة الدولة ومحاسبة المسؤولين عن أي أعمال عنف، في حين يعتبر آخرون أن الحوار – إن تم – قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفراج السياسي والمجتمعي في مصر.

قيادات جماعة الإخوان المسلمين

حيث يُكثف قيادات جماعة الإخوان المسلمين مجهوداتهم خلال الفترة الأخيرة، لطرح ملف الحوار والمصالحة مع الدولة المصرية، بحثًا عن إيجاد دور لهم بعد حظرهم في العديد من الدول.

وكشفت مصادر عن وجود تنسيق سري بين أيمن نور ومحمد عماد الدين صابر من أجل طرح مبادرة المصالحة مع مصر، أملًا في إنقاذ جماعة الإخوان بعد تصنيفها “كيانًا إرهابيًا” سواء في الدول العربية أو أمريكا والعديد من الدول الأوروبية.

شرعية دولة 30 يونيو قائمة على إخراج الإخوان من المعادلة السياسية

قال عمرو فاروق، الباحث في شؤون الإسلام السياسي والأمن الإقليمي، إن شرعية دولة 30 يونيو أو "الجمهورية الجديدة"، قائمة في الأساس على إخراج جماعة الإخوان من المعادلة السياسية للدولة المصرية، ومن ثم طرح فكرة المصالحة مع الجماعة أو قبولها يعد انتقاصًا وخصمًا من شرعية ورصيد النظام الحاكم سياسيًا وشعبيًا، ولا تعد محاولة منه لتوحيد "الجبهة الداخلية"، أو تفكيك الأزمة مع فصيل معارض، إذ لا يمكن اعتبار جماعة الإخوان فصيلًا سياسيًا في ظل تبنيها فكريًا وتورطها عمليًا في عمليات العنف المسلح ضد مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية.

وأضاف فاروق في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن جماعة الإخوان تمتلك تاريخ طويل من العمل السري والتنظيمي، والتشارك مع قوى خارجية في تنفيذ مخطط اسقاط الدولة خلال أحداث عام 2011، ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة عقب وصولها إلى السلطة، وتعاملها مع قطاعات الدولة وفق المكسب والغنيمة، وتعمدها اتباع ثقافة "المغالبة لا المشاركة" في العملية السياسية، فضلًا عن انتهاجها لتغيير "الهوية الفكرية" لمؤسسات الدولة من خلال "أخونة" مؤسسات الدولة والاطاحة بقياداتها الفاعلة واستبدالها برموز وعناصر تنظيمية وحركية في مختلف القطاعات الحيوية، يبرز حقيقة دورها وتمرير ما يعرف بمشاريع التقسيم التي تستهدف تغليب الطائفية والمذهبية من أجل تفكيك الدولة ومؤسساتها.

عمرو فاروق
عمرو فاروق

تهديد السلم المجتمعي والأمن القومي المصري

وأشار الباحث في الإسلام السياسي، إلى أن جماعة الإخوان على مدار العشر سنوات الأخيرة أدارة معركة شرسة تشارك فيها الداخل والخارج لإسقاط أركان الدولة من خلال حملات إعلامية مصنوعة وممنهجة ومدعومة من قوى إقليمية توسعية، واستهدفت في إطارها تهديد السلم المجتمعي والأمن القومي المصري، ولم تتورع فيها من توظيف الشائعات والأكاذيب في إطار ما يعرف بحروب الجيل الربع والخامس، ما يعني أن الجماعة لعبت أدارا وظيفية لتحقيق مصالحها والانتقام من الشارع المصري أولا، قبل النظام السياسي ومن ثم الحديث عن تراجعها عن اطروحاتها الفكرية أو التنظيمية القائمة على تكفير والجاهلية واستخدام القوة، أمر غير حقيقي، وإلا لأعلنت قبل حديثها عن "المصالحة"، عن مراجعات فكرية وتنظيمية تجاه الدولة والمجتمع، واعترافها عن الجرائم التي فعلتها باسم الدين والشريعة.

السيسي لن يمنح جماعة الإخوان قبلة الحياة

وأكد فاروق، رغم إن الحديث والمبادرات المطروحة والمتكررة من قبل قيادات الإخوان، والضغوط الإقليمية لاحتواء الجماعة وعناصرها حول عملية "المصالحة"، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي لن يفعلها، ولن يمنح جماعة الإخوان قبلة الحياة، مثلما فعل من قبل الرئيس السادات، الذي تم اغتياله في نهاية المطاف بعد محاولاته "استئناس" وتحييد قوى الإسلام السياسي والجماعات الأصولية فضلًا عن دورها اللاحق في اسقاط نظام الرئيس مبارك بتحالفها مع القوى التوسعية لتمرير مشروع "الشرق الوسط الجديد"، بما يضمن تحقيق إقامة "إسرائيل الكبرى".

ملف المصالحة أصبح أمراً متكرراً ولم يعد يلقى صدى كبيراً

ومن جانبه قال أحمد سلطان، إن فتح الإخوان المسلمين ما يعرف بملف المصالحة أصبح أمراً متكرراً ولم يعد يلقى صدى كبيراً لدى المسؤلين والشارع، بقدر ما يعكسه من عمق التأزم الذي يعانيه الإخوان المسلمون"، مشيرًا إلى أن الطرح الأخير لا يعدو كونه استمراراً لمحاولات الجماعة التي استمرت خلال الأعوام الأخيرة سواء بصورة مباشرة أو عبر وسطاء، لطرح الفكرة، وفي كل مرة تلقى رفضاً مطلقاً من جانب السلطة في مصر.

وأضاف سلطان، أن "مثل هذه الأفكار والأطروحات تخرج من وقت إلى آخر من قبل أعضاء من الجماعة أو محسوبين عليها نتيجة فشلها وانسداد الأفق أمامها، وذلك على رغم أنه ليس هناك أي حديث حقيقي عن أية مفاوضات ونيات لدى الحكومة المصرية للإقدام على ذلك"، مشيراً إلى سجالات عدة ومحادثات تدور بين قيادات الجماعة في الخارج في شأن هذا الأمر على مدى الأعوام الأخيرة، إلا أنه ومع كل مرة ينتصر الجانب المتشدد من الإخوان ويتمسك بموافقه السابقة وعدم تغيير أفكاره وهو ما تدركه السلطات في مصر.

تم نسخ الرابط