ملف 'الملاك' ينقلب على الموساد: وثائق جديدة حول أشرف مروان الذي خدع إسرائيل

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في عددها الصادر اليوم ضمن ملحق "سبعة أيام"، الجزء الثاني من تحقيق استقصائي ينسف الرواية التقليدية حول أشرف مروان، الذي اشتهر داخل إسرائيل بلقب "الملاك"، ويعد من أبرز الأسماء في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية.
غير أن الوثائق التي أفرج عنها مؤخرًا من الأرشيف السري للموساد، تقلب الصورة رأسًا على عقب، حيث تؤكد أن مروان لم يكن "الجاسوس الأعظم"، بل أحد مهندسي الخداع الاستراتيجي المصري قبيل اندلاع حرب السادس من أكتوبر 1973.

وثائق سرية تكشف الوجه الحقيقي لـ"الملاك"
واستند التحقيق الذي أثار ردود فعل قوية في كل من إسرائيل ومصر، إلى وثائق غير مسبوقة من آلاف الصفحات، كُشف عنها للمرة الأولى، وتظهر هذه الوثائق أن مروان، بدلًا من أن يكون "كنزًا استخباراتيًا"، كان يضلل إسرائيل في أهم مرحلة مصيرية في تاريخها العسكري، وساهم بشكل مباشر في مفاجأتها الكبرى يوم اندلاع الحرب.
معلومات خادعة... وطمأنة قاتلة
وفقًا لما كشفه التحقيق، زود مروان الاستخبارات الإسرائيلية بمعلومات مغلوطة، من أبرزها تأكيده أن الرئيس المصري أنور السادات لا يعتزم شن الحرب قبل نهاية عام 1973، حيث إن هذه الرسالة طمأنت القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب، ودفعتها إلى تجاهل مؤشرات وتحذيرات أخرى سبقت اندلاع القتال، مما ساعد على ترسيخ شعور زائف بالأمان لدى صانعي القرار في إسرائيل.
اللافت أن هذه المعطيات لم تمر عبر القنوات الاعتيادية، بل نُقلت مباشرة إلى رئيسة وزراء الاحتلال آنذاك جولدا مائير ووزير دفاعها موشيه ديان من خلال رئيس الموساد حينها، تسفي زامير، الذي تولى بنفسه التعامل مع مروان، متجاوزًا البنية التنظيمية للموساد.

تضليل في التوقيت والتكتيك
يوضح التحقيق أن دور مروان لم يتوقف عند نقل معلومات خاطئة بشأن نوايا الحرب، بل امتد إلى تضليل دقيق في التفاصيل العملياتية، فقد أبلغ مروان الموساد بأن الهجوم المصري سيكون في وقت الغروب، في حين بدأ الهجوم الحقيقي في تمام الساعة الثانية ظهرًا، ما أربك الجيش الإسرائيلي بالكامل، خاصة على جبهتي سيناء والجولان.
بل إن مروان، بحسب التحقيق، أوصى بتسريب معلومات عن استعدادات الجيش المصري لشن هجوم وشيك إلى وسائل الإعلام العالمية، في محاولة مقصودة لإجهاض الخطة المصرية بإثارة شكوك مبكرة، وهي خطوة ساهمت في تشتيت تقديرات القيادة الإسرائيلية.
"الملاك" أداة الخداع الكبرى قبل حرب العبور
خلصت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن أشرف مروان لم يكن "جاسوسًا خارقًا" كما تم تصويره على مدار عقود في إسرائيل، بل كان أداة بارعة في خطة الخداع الاستراتيجي التي نفذها المصريون ببراعة قبيل الحرب.
فيما ذكرت أن بعض كبار مسؤولي الموساد آنذاك أعربوا عن شكوكهم تجاه حقيقة ولائه، إذ بدا من غير المعقول أن يتحول صهر الرئيس جمال عبد الناصر إلى عميل دون مقابل مادي.
لكن ضخامة المعلومات التي قدمها مروان مجانًا أقنعت القيادة الإسرائيلية بصدقه، ورسخت صورته كـ"الكنز الاستخباراتي" الأكبر، حتى جاءت الوثائق الجديدة لتكشف أنه كان في الواقع أداة في يد المخابرات المصرية، تلاعبت بأجهزة الأمن الإسرائيلية وساهمت في تهيئة المسرح لأكبر مفاجأة عسكرية عرفتها إسرائيل.