عاجل

معلومات عن تطبيق ديسكورد الذي أشعل الحراك الثوري في المغرب ونيبال

منصة ديسكورد
منصة ديسكورد

ما بدأ كمنصة ديسكورد مخصصة لعشاق ألعاب الفيديو، أصبح اليوم أداة استراتيجية في أيدي شباب "جيل زد" (Gen Z) حول العالم، حيث منصة (Discord)، التي أطلقت في مايو 2015 بهدف توفير بيئة دردشة صوتية للاعبين، تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة نقاش افتراضية مفتوحة، تستعمل اليوم في تنسيق تحركات احتجاجية من نيبال إلى المغرب، مرورًا بالبيرو.

وفي نيبال، استخدمت المنصة لتنظيم مظاهرات ضخمة أدت إلى سقوط الحكومة، بينما يستخدمها الشباب المغربي اليوم لتنظيم احتجاجات غير مسبوقة، تُطالب بإصلاحات جوهرية في مجالي التعليم والصحة، وتدعو لمحاربة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه.

مظاهرات نيبال
مظاهرات نيبال

منصة متعددة الأدوات تتحول إلى قاعدة تنسيق واسعة

مع تطورها التدريجي، أصبحت "ديسكورد" أكثر من مجرد وسيلة للتواصل بين اللاعبين، حيث إن المنصة الآن توفر خدمات متنوعة تشمل الدردشة النصية والصوتية والمرئية، البث المباشر، مشاركة الشاشة، وأدوات إشراف وتنظيم متقدمة.

الخوادم (Servers) على ديسكورد، وهي المساحات التنظيمية الأساسية، يمكن أن تضم حتى 500 ألف مستخدم، مع قدرة استيعابية لـ250 ألف مستخدم نشط في نفس اللحظة، هذا ما جعلها أداة مثالية  وفق وصف أحد أعضاء "جيل زد 212" المغربي  للتنسيق بين عدد كبير من المشاركين بشكل لحظي وفعال.

وفي نيبال، وبعد حظر 26 منصة تواصل اجتماعي، أنشأ الشباب خادمًا بعنوان "شباب ضد الفساد" (Youths Against Corruption) لاستمرار التنسيق الافتراضي، متحدّين القيود الرسمية.

التنظيم الرقمي في المغرب: من التخطيط إلى الشارع

في المغرب، بدأ التحرك قبل أول خروج للشارع يوم السبت 27 سبتمبر/أيلول 2025، حين أنشأ شباب مجموعة "جيل زد 212" خادمهم الخاص على ديسكورد، وسرعان ما أصبح هذا الخادم هو القاعدة التنظيمية المركزية للاحتجاجات، مع قنوات مخصصة للإعلانات الرسمية، مواعيد وتفاصيل التجمّعات، تعليمات السلمية، وتنسيق محلي حسب كل منطقة أو مدينة.

أحمد (اسم مستعار)، أحد المشاركين، يقول في تصريح لمونت كارلو الدولية: "ديسكورد هي منصتنا الأساسية، واستخدمنا تيليغرام في البداية، لكن وجدنا أن ديسكورد يمنحنا مساحة أكبر للنقاش والتنسيق، كتابيًا وصوتيًا، طوال اليوم".

مظاهرات المغرب 
مظاهرات المغرب 

بدأ الخادم بعدد محدود من الأعضاء، لكنه توسّع بشكل سريع، فبلغ 4000 عضو قبل المظاهرة الأولى، ثم قفز إلى 20 ألفًا، واليوم يتجاوز 150 ألف عضو، معظمهم بين سن 15 و28 عامًا، أي من وُلدوا بين عامي 1997 و2012.

ورغم أن عددًا كبيرًا من الأعضاء لا يشاركون ميدانيًا، فإن التحركات الناتجة عن هذا التنسيق أصبحت من أبرز الأحداث التي تتداولها وسائل الإعلام ومواقع التواصل في البلاد.

نموذج أفقي لاتخاذ القرار: "الكل سواسية"

لا يقتصر دور ديسكورد على التنظيم اللوجستي، بل أصبح مساحة لاتخاذ قرارات جماعية. شباب "جيل زد" يعتمدون نموذجًا أفقيًا في الإدارة، رافضين أي شكل من أشكال التمركز في القيادة، حيث إن القرارات المهمة تُتخذ من خلال التصويت، كما حصل في نيبال حين صوّت الشباب لصالح تولي سوشيلا كاركي رئاسة الحكومة الانتقالية في 10 سبتمبر 2025، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.

وفي المغرب، نظم المشاركون على خادم "جيل زد 212" تصويتًا صباح أمس الخميس 2 أكتوبر الجاري، لاتخاذ قرار بشأن الاستمرار في الاحتجاجات بعد يومين من أحداث شغب شهدتها بعض المدن، بالتوازي مع المظاهرات السلمية، وقد صوّتت الأغلبية لصالح مواصلة الخروج إلى الشارع لليوم السادس على التوالي.

سلمية الحراك ومشروعية المطالب

منذ البداية، أكدت مجموعة "جيل زد 212" التزامها بالسلمية، داعية إلى تجنب أي شكل من أشكال العنف أو التخريب، مع تركيز مطالبها على تحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية، مكافحة الفساد، وتحقيق العدالة والمساءلة للمسؤولين عن التدهور الحاصل في القطاعات العامة.

وبينما تتواصل التحركات على الأرض، تبقى منصة "ديسكورد" النموذج الجديد الذي يعيد تعريف وسائل الاحتجاج في عصر الرقمنة، حيث يلتقي الافتراضي بالميداني، ويصنع جيل الشباب مستقبله بأدواته الخاصة.

تم نسخ الرابط