عاجل

ثالث الخلفاء "ذو النورين" .. حياء الملائكة وجامع الأمة على المصحف الشريف

عثمان بن عفان
عثمان بن عفان

في سجل التاريخ الإسلامي المضيء، يظل اسم الصحابي الجليل عثمان بن عفان بن أبي العاص الأموي القرشي حاضرًا كأحد أعظم الشخصيات التي كان لها دور محوري في نش الدعوة الإسلامية وترسيخ أركان الدولة؛فهو ثالث الخلفاء الراشدين، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وصاحب الفضل العظيم في جمع الأمة على المصحف الشريف.

إسلام مبكر ومكانة رفيعة

أسلم عثمان رضي الله عنه في وقت مبكر على يد أبي بكر الصديق، فكان من السابقين الأولين الذين تركوا زخارف الجاهلية استجابة لدعوة النبي محمد ﷺ؛وقد هاجر الهجرتين؛ الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة المنورة، وظل ملازمًا للنبي ﷺ في غزواته ومواقفه الكبرى، باستثناء غزوة بدر التي تخلف عنها بأمر النبي لمرض زوجته رقية بنت رسول الله ﷺ.

مناقب وسيرة عطرة

امتاز عثمان رضي الله عنه بصفات رفيعة؛ فكان حيّيًا كريمًا زاهدًا في الدنيا، حتى شهد له النبي ﷺ بقوله: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة». كما اشتهر بسخائه وعطائه اللامحدود، إذ جهز جيش العسرة (غزوة تبوك) بماله ونفقاته، فقال فيه النبي ﷺ: «ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم».

لقب "ذو النورين"

انفرد عثمان رضي الله عنه بلقب لم يسبقه إليه أحد، إذ تزوج من ابنتي النبي ﷺ: السيدة رقية، ثم السيدة أم كلثوم بعد وفاة أختها، فأطلق عليه المسلمون لقب "ذو النورين" لكونه جمع بين نورين من بيت النبوة الشريف.

خلافته وإنجازاته

تولى الخلافة سنة 23هـ بعد وفاة الفاروق عمر بن الخطاب، واستمرت ولايته اثني عشر عامًا، شهدت خلالها الدولة الإسلامية أوسع مراحل الفتح والاتساع، حيث وصلت جيوش المسلمين إلى أرمينية وأذربيجان شرقًا، وإلى إفريقيا غربًا. غير أن أعظم إنجازاته الخالدة كان جمع القرآن الكريم في مصحف واحد وتوزيعه على الأمصار، حفاظًا على كتاب الله من الاختلاف والضياع.

استشهاده ومكانته

في العام 35هـ، استُشهد عثمان رضي الله عنه مظلومًا في منزله بالمدينة المنورة وهو يتلو القرآن الكريم، بعد أن حاصره أهل الفتنة، ليلقى ربه صابرًا محتسبًا عن عمر ناهز 82 عامًا. وقد أجمع المؤرخون على أن استشهاده كان بداية فتنة كبرى في الأمة، لكنه ترك إرثًا خالدًا من العدل والحياء والسخاء، وحب المسلمين لصحبته وسيرته العطرة.

لماذا تستحي منه الملائكة؟

لأن عثمان رضي الله عنه كان شديد الحياء، رقيق الطبع، عفيف اللسان والجوارح، لا يُعرف عنه قول فاحش ولا فعل منكر.

كان حياؤه من أرقى درجات الحياء، حتى صار مضرب المثل بين الصحابة.

بلغ حياؤه درجة أن الملائكة – مع طهارتها ونقائها – كانت تستحي منه كما تستحي من الصالحين الأتقياء.

روي أن النبي ﷺ جلس يومًا وعنده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان مضطجعًا، فلما دخل عثمان جلس النبي ﷺ وعدّل جلسته، فلما سُئل عن ذلك قال:
«ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة».


فسمي رضي الله عنه حياء الملائكة لأن حياءه العظيم ونقاؤه الداخلي والخارجي جعلا الملائكة أنفسهم تستحي من عثمان رضي الله عنه.

وبقي عثمان بن عفان رضي الله عنه نموذجًا للزهد والورع، ورمزًا من رموز التضحية والفداء، وشاهدًا حيًا على أن قادة الإسلام الأوائل لم يكونوا أصحاب سلطان دنيوي بقدر ما كانوا أصحاب رسالة خالدة حملت همّ الدين والدعوة إلى العالمين.

تم نسخ الرابط