أيمن الرقب: "مجلس السلام" مشروع لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة صفقة القرن

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الحديث عن تشكيل "مجلس السلام" بقيادة ترامب ونتنياهو، والذي طُرح على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، يمثل محاولة مكشوفة لإعادة صياغة ملامح المنطقة بما يخدم المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء السلام.
هندسة المنطقة على هوى الاحتلال
وأضاف الرقب في حديث خاص لـ"نيوز رووم"، أن هذا المجلس المزمع تشكيله ليس أكثر من غطاء سياسي لاستكمال مشروع تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة إنتاج ما يعرف بـ"صفقة القرن" التي طرحت عام 2020، مؤكدًا أن الخطة التي جرى تسريب بنودها الـ21 قد تكون خضعت لتعديلات بعد لقاءات ترامب ونتنياهو الأخيرة، خصوصًا في ظل غياب أي ذكر لمسار سياسي أو حقوق الشعب الفلسطيني في الدولة والاستقلال.
وأوضح أن المشروع الجديد لا يتضمن الحديث عن الضفة الغربية أو وقف الاستيطان، بل يتجاهل بشكل تام أي حل سياسي حقيقي، مما يؤكد أن الهدف ليس إحلال السلام، بل فرض واقع جديد يُكرس الاحتلال.
ماذا لو وافقت حماس علي الخطة؟
وأشار الرقب إلى أن من الذكاء السياسي، في هذه المرحلة، أن تُبدي حماس قبولًا مبدئيًا بالخطة، بهدف سحب البساط من تحت أقدام نتنياهو، الذي يسعى إلى استمرار الحرب، ولإحراج ترامب أمام المجتمع الدولي، خاصة وأن الأخير يلوّح بأن رفض الخطة سيمنح الاحتلال الضوء الأخضر لمواصلة القتل والتهجير بحق الشعب الفلسطيني.
وقال: "نحن نريد وقف القتل والدمار، لكن لا يمكن أن نقبل بمشروع هدفه النهائي إنهاء القضية الفلسطينية وتحويلها إلى ملف إداري واقتصادي بحت، يخدم فقط مصالح الاحتلال".
محاكة سيناريو العراق بنسخة غزية
وحذر الرقب من أن المشروع المطروح يشبه إلى حد كبير ما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي، عندما تم تشكيل مجلس انتقالي وتكليف بول بريمر بإدارته، مضيفًا: "اليوم تُعاد نفس الخطة في غزة، بحديث مباشر عن تشكيل ميليشيات محلية على غرار الصحوات العراقية، لتكون أداة لحكم القطاع بدعم أمريكي وإسرائيلي".
توني بلير مجددًا.. ولكن بثوب جديد
ولفت إلى أن هناك ترشيحات لتولي توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، دورًا محوريًا في تنفيذ هذه الخطة، مستفيدًا من موقعه السابق كمبعوث دولي للرباعية، ومن علاقته الوثيقة بكوشنر والإدارة الأمريكية.
وأشار إلى أن معهد "توني بلير للسلام" يملك خطة جاهزة لإعادة ترتيب الوضع في غزة، مستندًا إلى قناعة بلير بأن "فرصة تغيير الواقع في القطاع لا تتكرر إلا مرة كل مئة عام"، وهو ما يعد مؤشرًا خطيرًا على النوايا الحقيقية خلف هذه التحركات.
تصفية القضية الفلسطينية
وأكد الرقب أن الهدف المركزي من هذه الخطة هو "تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة"، مضيفًا أن صفقة القرن تحدثت سابقًا عن كيان فلسطيني في غزة وإداري في الضفة، واليوم يتم تنفيذ هذا المخطط عمليًا.
و؟أوضح: "المشروع يهدف إلى تركيع المقاومة، وتحويل الكيانات الفلسطينية إلى أدوات وظيفية تخدم الاحتلال، بعيدًا عن أي أفق سياسي حقيقي".
ترحيب عربي حذر وتحرك دولي
وفي ختام حديثه، كشف الدكتور الرقب عن أن ترامب اجتمع مع خمس دول عربية هي السعودية، مصر، الأردن، قطر، والإمارات، بالإضافة إلى تركيا وإندونيسيا، مشيرًا إلى أن نجاح هذه الخطة سيعتمد على موقف كل دولة من هذه المبادرة.
وقال: "الدول العربية رحبت بجهود ترامب لوقف الحرب، لكن عليها التمييز بين وقف إطلاق النار، وبين القبول بمخطط سياسي يؤدي إلى تصفية قضيتنا".