ما حكم قطع الأشجار للتوسيع في الطريق العام؟.. الإفتاء توضح

في ظل التوسع العمراني والازدحام المروري المتزايد، يطرح تساؤل مهم حول حكم قطع الأشجار على الطرق العامة لتوسيعها. وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أن قطع الأشجار وإزالتها بهدف توسيع الطرق العامة جائز شرعًا، ما دام الهدف تحقيق المصلحة العامة وتلبية حاجة الناس، على أن يتم ذلك بموافقة الجهات المختصة.
عمارة الأرض في الإسلام
حث الإسلام على عمارة الأرض واستثمار مواردها بما يعود بالنفع على سكانها، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، وأوضح العلماء مثل الإمام النسفي أن هذا يضع على عاتق الإنسان مسؤولية أن يكون من عُمّار الأرض ويستثمرها فيما ينفع البشرية. وتشمل عمارة الأرض الأشجار والنباتات وغيرها من الموارد الطبيعية، وحذر الشرع من التعدي عليها بما يؤدي إلى فساد، كما جاء في القرآن: ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: 205].
حكم الاعتداء على الأشجار والموارد الطبيعية
نهى الشرع عن الاعتداء على الأشجار والنباتات لما فيها من منافع متعددة، مثل الظل والثمار، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «مَنْ قَتَلَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، أَوْ أَحْرَقَ نَخْلًا، أَوْ قَطَعَ شَجَرَةً مُثْمِرَةً… لم يَرْجِع كَفَافًا» (رواه أحمد). كما حرص أبو بكر الصديق على توجيه والي الشام بعدم تخريب العمران أو قطع الأشجار إلا للمنفعة.
الأولوية للمصلحة العامة
أجمع الفقهاء على أن المصالح العامة تقدم على المصالح الخاصة، فيجوز تحمل الضرر الخاص إذا كان دفعه يحقق مصلحة عامة أكبر. لذلك، استثنت الشريعة إزالة الأشجار أو تعديل الممتلكات إذا كانت المصالح العامة تقتضي ذلك، مثل توسعة الطرق أو بناء المستشفيات، بما يعود بالنفع على عامة الناس. وقد طبق النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا المبدأ عندما أمر بقطع النخل في المسجد النبوي لتوسيع مكان الصلاة.
توسيع الطرقات والخدمات العامة
يُسمح توسيع الطرقات العامة على حساب ما يجاورها من ممتلكات أو مساحات، بما فيها المساجد، إذا كان ذلك يخدم الناس ويحقق منفعة أكبر. وأكد الفقهاء أن الغرض الأسمى هو تحقيق المصالح العامة، ويجوز في هذه الحالات تجاوز بعض الاعتبارات الخاصة.
الإطار القانوني المعاصر
تنظم القوانين الحديثة عملية إزالة الأشجار في الأماكن العامة، حيث نصت المادة 8 من القانون رقم 21 لسنة 1984 على أن الأشجار والنخيل في الطرق والمجاري العامة ملك للجهات المختصة، ويجوز قطعها بترخيص رسمي. كما حدد القانون عقوبات على من يخالف هذه الضوابط، بما يشمل إلزام المتسبب بدفع قيمة ما أُتلف أو قطع