عاجل

لمن مات وهو محرم … ما هي هيئة التكفين بالنسبة للرجل والمرأة؟

المحرم
المحرم

لمن مات وهو محرم … ما هي هيئة التكفين بالنسبة للرجل والمرأة؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء :من توفي وهو مُحرم، فإن الرجل لا يُغطَّى رأسه، والمرأة لا يُغطَّى وجهها، كما لا يُلبس المخيط، ولا يُمس طيبًا في بدنه أو ثيابه، ولا يُؤخذ من شعره أو أظفاره شيء، بل يُغسَّل بماء وسدر، ويُكفَّن في ثوبين؛ إظهارًا لهيئة الإحرام التي مات عليها، وتأكيدًا أن إحرامه لم ينقطع بوفاته، وصيانةً لشرف حاله؛ إذ يُبعث يوم القيامة وهو يُلبي.

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن المحرم يُعامل في التكفين كغيره، فيُعمَل بعموم النصوص الواردة في شأن تجهيز الميت، وحملوا حديث من مات مُحرمًا على أنه حالة خاصة.

وبناءً على ذلك: فالمسألة فيها سَعة، ولا مجال للتشديد أو إثارة النزاع؛ لأن مسائل الخلاف التي اتسع فيها قول السلف لا يُنكر فيها أحد على الآخر

حكم تكفين الميت


المقصود بالتكفين: ستر جسد الميت وتغطيته بالكفن، وهو ما يُلف به بدن الميت عند دفنه. وقد ذكر الإمام الأزهري في تهذيب اللغة أن الكفن مأخوذ من معنى التغطية والستر. وقد أجمع الفقهاء على أن تكفين الميت من فروض الكفايات، وهو واجب على الأحياء؛ لأن حرمة الإنسان بعد موته كحرمته في حياته، وكما كانت السُترة لازمة له حيًّا فهي لازمة له ميتًا أيضًا. ويستدل على ذلك بقول ابن قدامة في المغني: إن النبي ﷺ أمر بتكفين الميت، ولأن الستر واجب في الحياة فهو واجب بعد الوفاة كذلك.

تكفين المحرم


ورد الشرع ببعض الأحكام الخاصة بحالات يموت فيها المسلم على هيئة شريفة؛ مثل الشهيد الذي يُدفن بثيابه التي استشهد فيها تكريمًا له. فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم وثيابهم، وقال: «ادْفِنُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ»، وهو ما نقله ابن قدامة وغيره، ولم يُعرف فيه خلاف.

ومثل ذلك من يموت وهو مُحرم، فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا كان واقفًا مع النبي ﷺ بعرفة، فوقع عن دابته فمات، فقال ﷺ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا».

وعلى هذا الحديث قال عدد من الصحابة والتابعين، منهم: علي، وعثمان، وابن عباس رضي الله عنهم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وأهل الظاهر، كما قال به عطاء، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه. وعلتهم في ذلك أن المقصود إبراز شعيرة الإحرام وتشريف من مات عليها، فيُعامل الميت كالمحرم الحي: يُغسَّل بماء وسدر، ويُكفَّن في ثوبين، ويُمنع من الطيب ولبس المخيط، ولا يُؤخذ من شعره أو أظفاره شيء، ولا يُغطى رأس الرجل، ولا وجه المرأة؛ لأن موضع إحرام الرجل رأسه، وموضع إحرام المرأة وجهها.

في المقابل، ذهب الحنفية والمالكية إلى أن المحرم وغير المحرم سواء في كيفية التكفين؛ لأن الموت يُنهي التكليف، والإحرام عبادة تنقطع بالموت، فلا يبقى لها أثر. وهذا هو قول السيدة عائشة وابن عمر رضي الله عنهم، كما قال به طاوس والحسن البصري والأوزاعي. واستدلوا بأحاديث عامة في ستر وجوه الموتى ورؤوسهم، مثل ما رواه الدارقطني عن النبي ﷺ: «خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ، وَلَا تُشَبِّهُوهُمْ بِالْيَهُودِ». وحملوا حديث المحرم الذي مات بعرفة على أنه واقعة خاصة لا عموم لها.

وقد لخّص ابن قدامة الخلاف فقال: إن الشافعية والحنابلة يرون بقاء حكم الإحرام بعد الموت، فيُجنّب الميت ما يُجنّبه المحرم الحي، بينما يرى الحنفية والمالكية أن الإحرام ينقطع بالموت، ويُعامل المحرم حينها كغيره من الموتى.

فالمسألة في النهاية محل اجتهاد، وقد تنوعت فيها أقوال الفقهاء بين مَن يرى بقاء أثر الإحرام بعد الوفاة ومَن يرى سقوطه، ولكلٍّ دليله ووجهته

تم نسخ الرابط