ما حكم وضع اليد على الآية عند قراءة القرآن من المصحف؟

إمرار اليد على آيات القرآن أثناء التلاوة من المصحف بقصد المساعدة على ضبط القراءة وتسهيل الحفظ أمر جائز شرعًا، ولا مانع منه، لأنه وسيلة نافعة تعين القارئ على الإتقان. وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعدّ آيات القرآن بيده، كما ثبت جواز عدّ الأذكار على الأصابع. وبما أنه لم يرد نهي عن ذلك، فهو مباح، بل يُرجى أن تكون هذه الأصابع شاهدة لصاحبها بالخير يوم القيامة، وما أعظم أن تشهد اليد على تلاوة كتاب الله والسعي في حفظه.
أهمية القرآن الكريم وفضل تلاوته
القرآن الكريم هو نور الله وهداه إلى عباده، جمع فيه خيري الدنيا والآخرة، ومن أجل ذلك حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على تعلمه وتعليمه. فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تعلَّموا القرآن فاقرؤوه وأقرئوه»، كما جاء في “سنن الدارمي”: «تعلَّموا هذا القرآن، فإنكم تؤجرون بتلاوته، بكل حرف عشر حسنات».
حكم وضع اليد على الآية عند قراءة القرآن من المصحف
كثير من المبتدئين في الحفظ يلجؤون إلى وضع أصابعهم على الآية أثناء التلاوة؛ لضبط النظر ومتابعة القراءة بدقة، وهو أمر يعين على الحفظ ويقوي التركيز. ولا حرج في ذلك شرعًا، بل هو من الوسائل المساعدة التي تدخل في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: 17]. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/81): “من أقبل على القرآن بالمحافظة والتعاهد يُسِّر له”، مما يدل على مشروعية اتخاذ كل وسيلة مباحة تعين على الحفظ.
وقد علَّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بطرق متعددة، منها التوضيح بالرسم كما ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي خط خطًا ومثّل للناس به، رواه البخاري، ومنها التعليم بالفعل العملي كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه حين صلى على المنبر وقال: «إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي» متفق عليه. وكذلك فعل الصحابة من بعده كما ورد عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه.
ومن صور استعمال اليد في الخير أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعدُّ آيات القرآن بيده، كما نقل أبو عمرو الداني في البيان في عدِّ آي القرآن. كما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه عدَّ أيام الشهر بأصابعه، رواه البخاري ومسلم. وهذا كله يدل على مشروعية استخدام اليد وسيلة في العبادة والتعليم.
كما ورد في السنة استحباب عدّ الأذكار بالأنامل، ففي حديث يسيرة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات» رواه أبو داود والترمذي. وإذا كانت الأصابع تشهد على الذكر، فهي أحق بأن تشهد على تلاوة القرآن وضبطه.
ومن هذا يُفهم أن استخدام اليد في تتبع الآيات أثناء القراءة لا حرج فيه، بل قد يكون أدعى للتركيز وأقوى في تثبيت الحفظ، وهو عمل صالح تُسجله اليد في صحيفة حسنات صاحبها، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: 24].