عاجل

هل ترك النبي ﷺ لعمل ما يدل على تحريمه؟.. الإفتاء تحسم الجدل

دار الإفتاء
دار الإفتاء

هل ترك النبي ﷺ لعمل ما يدل على تحريمه؟، سؤال أجابته دار الإفتاء بالقول أن: "كل ما تركه النبي ﷺ فهو محرم" ليس دقيقًا شرعًا، ولا دليل على تحريم أي فعل بمجرد ترك النبي له، مشيرة إلى أن علماء أصول الفقه قد فرقوا بين دلالة فعل النبي ﷺ وتركه على الأحكام الشرعية.

حكم فعل النبي ﷺ وتركه

أوضحت دار الإفتاء أن فعل النبي ﷺ يدل على عدم التحريم فقط، وقد يتسع للأحكام الأربعة الأخرى وهي: الوجوب، والندب، والإباحة، والكراهة. فعلى سبيل المثال، صلاة الفريضة واجبة، بينما صلاة الراتبة مندوبة، وأكل وشرب مباح، وشرب قائمًا أو بال قائمًا مكروه، وكل هذا يدل على الجوازات المختلفة للأفعال.

أما ترك النبي ﷺ لفعل ما، فهو يدل على عدم الوجوب فقط، وقد يشمل باقي الأحكام الأربعة الأخرى: الحرمة، الكراهة، الإباحة، والندب. مثال ذلك: ترك الكذب فهو حرام، وترك الإسراف في الوضوء مكروه، وترك أكل الضب مباح، وترك صيام داود عليه السلام يوم ويوم مندوب.

أقوال العلماء في مسألة الترك

قال الإمام أبو عبد الله التلمساني في كتابه "مفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول": [ويلحق بالفعل في الدلالة الترك؛ فإنه كما يستدل بفعله ﷺ على عدم التحريم يُستدل بتركه على عدم الوجوب]. وأكد الشيخ أبو الفضل الغماري في "حسن التفهم والدرك لمسألة الترك": [والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة، بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع]

أسباب ترك النبي ﷺ للأفعال

ذكرت دار الإفتاء عدة أسباب لترك النبي ﷺ بعض الأفعال، وهي:

عادة أو استقذار الشيء: كتركه أكل الضب، حيث لم يكن معتادًا في أرض قومه.

نسيان: كنسيانه بعض الركعات في الصلاة، كما ورد في الصحيحين.

خشية فرض العبء على الأمة: مثل تركه صلاة التراويح في بداية جمع الصحابة.

عدم التفكير في الفعل أو عدم ضرورة اقتراحه: مثل عدم استخدام منبر مسبقًا قبل اقتراح الصحابة.

دخول الفعل في عموم آيات أو أحاديث: كصلاة الضحى وبعض المندوبات.

حفظ مشاعر الصحابة أو التدرج معهم: مثل تركه هدم البيت وإعادة بنائه على أساس إبراهيم خوفًا من صدمة الصحابة الجدد.

أكدت دار الإفتاء أن ترك النبي ﷺ لعمل ما لا يدل بمفرده على تحريمه، وإنما يفيد غالبًا عدم الوجوب، وقد يكون لسبب من الأسباب السابقة أو غيرها، وأن تحريم أي فعل يجب أن يقوم على دليل شرعي نصي صريح من القرآن أو السنة. وبالتالي، لا يصح القول بأن كل ما تركه النبي ﷺ محرم أو مكروه، بل يجب النظر في سياق الفعل وسببه وما دلّت عليه النصوص الشرعية.

تم نسخ الرابط