عاجل

سامح فايز : الإخوان انتهوا تنظيميًا في مصر والجماعة تعيش انقسامات حادة بالخارج

 سامح فايز
سامح فايز

أكد الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية سامح فايز، أن جماعة الإخوان الإرهابية لم تعد موجودة داخل مصر بالمعنى التنظيمي أو المؤسسي، بعدما جرى تفكيك بنيتها الأساسية وتجفيف منابع تمويلها التي كانت ترتكز على شبكة من الجمعيات والمؤسسات الاقتصادية. وقال فايز خلال لقائه مع الإعلامية دينا عصمت في برنامج «مساء DMC» المذاع عبر قناة «DMC»، إن الجماعة فقدت قدرتها على العمل العلني أو السري داخل البلاد، ولم يعد لها أي تأثير تنظيمي ملموس.

الإخوان في الخارج.. انقسامات على المصالح

أوضح فايز أن الجماعة بعد سقوطها في مصر باتت تتحرك من الخارج، إلا أن هذا الوجود لا يعكس وحدة أو تماسكًا، بل يكشف حالة من الانقسام والتشرذم. فقد تصاعدت الخلافات بين قياداتها على الأموال والمكتسبات والمصالح الشخصية، ما أدى إلى انقسامها إلى ثلاث جبهات رئيسية، كل منها تسعى للهيمنة على القرار والسيطرة على ما تبقى من نفوذ للتنظيم.

وأضاف أن هذه الجبهات الثلاث، ورغم اختلافها في آليات العمل وخطط التحرك، فإنها جميعًا تتبنى نفس الأجندة الفكرية القائمة على العداء للدولة المصرية والسعي لإضعاف مؤسساتها، غير أن وسائلها تختلف بحسب الجهات الممولة والداعمة لها.

مجموعة «ميدان».. خطاب عدائي صريح

من أبرز هذه التكتلات – بحسب فايز – ما يعرف بـ«مجموعة ميدان»، التي تتبنى خطابًا عدائيًا صريحًا ضد الدولة المصرية ومؤسساتها. وتحرص هذه المجموعة على تصدير صورة عدائية مباشرة من خلال المنابر الإعلامية والمنصات الإلكترونية التي تديرها، في محاولة لإبقاء خطاب الجماعة متماسكًا أمام قواعدها، رغم حالة الانهيار التي تعانيها.

وأشار فايز إلى أن «مجموعة ميدان» وغيرها من الأجنحة الإخوانية تسعى دائمًا إلى إعادة تدوير نفس الشعارات القديمة حول المظلومية والاضطهاد، غير أنها لم تستطع إخفاء حجم الخلافات الداخلية وصراع المصالح الذي ظهر للعلن.

غياب مفهوم الوطن في فكر الإخوان

شدد فايز على أن جماعة الإخوان، ومعها جماعات الإسلام السياسي عمومًا، لا تؤمن بمفهوم الوطن أو الكيان الوطني، بل تنطلق من رؤية تجعل الولاء للتنظيم فوق أي انتماء آخر. وأوضح أن هذه الرؤية لا تقتصر على الجانب النظري فقط، بل تجسدت عمليًا في مواقف الجماعة التي لم تتردد في التحالف مع قوى خارجية على حساب المصلحة الوطنية.

وأكد أن هذا الفكر هو ما يجعل الجماعة في حالة صدام دائم مع الدول الوطنية، لأنها ترى نفسها كيانًا عابرًا للحدود، يعلو فيه الولاء للتنظيم على الانتماء للأرض والشعب والدولة.

تاريخ طويل من العنف

وحول محاولات الجماعة الظهور بخطاب سلمي في بعض الأحيان، قال فايز إنه لا يمكن الوثوق بأي خطاب من هذا النوع، لأن التجربة التاريخية أثبتت أن الإخوان يمارسون العنف منذ أكثر من تسعين عامًا. وأوضح أن كلما أتيحت لهم فرصة للتحرك بحرية عادوا لاستخدام أدوات القتل وإثارة الفوضى.

وأضاف: «الإخوان يتحدثون أحيانًا عن السلمية والديمقراطية، لكن هذه مجرد واجهة دعائية؛ فالجماعة تحتفظ دومًا بخطاب مزدوج، ظاهره السلم وباطنه العنف، وهذا ما تبرزه تجربتهم منذ تأسيس التنظيم وحتى اليوم».

الأجندة الإخوانية واستغلال الأزمات

بيّن فايز أن الجماعة تسعى بشكل دائم لاستغلال الأزمات الإقليمية والدولية لتقديم نفسها كقوة سياسية بديلة، خاصة في الدول التي تشهد اضطرابات. إلا أن تجربتها في الحكم بمصر كشفت محدودية قدراتها وافتقارها للرؤية السياسية المتكاملة، حيث فشلت في إدارة الدولة وخلقت حالة من العزلة والرفض الشعبي لها.

ولفت إلى أن التنظيم، رغم ضعفه الحالي، يظل نشطًا في محاولاته الإعلامية والدعائية عبر شبكات تمويل خارجي، مستغلًا منصات التواصل الاجتماعي لترويج خطاب الكراهية والتحريض، لكنه لم يعد قادرًا على استعادة الحضور التنظيمي داخل مصر.

سقوط الهيمنة الفكرية والتنظيمية

واعتبر فايز أن الأهم من سقوط التنظيم على المستوى العملي هو سقوطه على المستوى الفكري، إذ لم تعد الجماعة قادرة على تقديم نفسها كبديل سياسي أو اجتماعي، وفقدت شعبيتها التي كانت تستند إلى خطاب دعوي واجتماعي مزيف. وأضاف أن الشباب الذي كان يُستقطب سابقًا إلى صفوفها بات أكثر وعيًا بحقيقة خطابها المزدوج وارتباطها بالعنف.

وأشار إلى أن العالم، وخاصة الدول الأوروبية، بدأ يدرك خطورة السماح بانتشار أفكار الإخوان على مجتمعاته، بعد أن ارتبطت هذه الأفكار بعمليات إرهابية ضربت أمنه الداخلي.

مستقبل الجماعة.. تفكك بلا عودة

ختم فايز حديثه بالتأكيد على أن مستقبل جماعة الإخوان يسير نحو مزيد من التفكك، وأنها لم تعد قادرة على العودة إلى المشهد السياسي في مصر أو المنطقة. ورأى أن استمرار الانقسامات والصراعات المالية والتنظيمية سيؤدي إلى مزيد من العزلة، فيما يظل خطابها محصورًا في قنوات فضائية ومواقع إلكترونية لم تعد تحظى بالثقة أو التأثير.

وأكد أن مصر استطاعت إنهاء حضور التنظيم على أرضها، وباتت تجربة الإخوان مثالًا حيًا على فشل الجماعات الأيديولوجية التي لا تؤمن بالدولة الوطنية، مشيرًا إلى أن الرهان الحقيقي للمستقبل يكمن في تعزيز الوعي المجتمعي ودعم الدولة الوطنية القادرة على حماية مواطنيها من الفكر المتطرف.

تم نسخ الرابط