التسامح قوة لا ضعف.. رسالة من مفتي الجمهورية تدعو للعفو والصفح الجميل

في رسالة ملهمة عن التسامح والعفو، أكدت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" أن القلب الذي يسامح هو قلب يعرف الله حق المعرفة. وأوضحت أن العفو ليس ضعفًا، بل هو قوة نفسية وروحية تعكس سمو الإنسان وأخلاقه العالية، مشيرةً إلى أن الصفح عن الإساءة يمنح القلب راحة وسكينة، ويعزز السلام النفسي والاجتماعي.
دعوة مفتوحة إلى التسامح.. وصايا نبوية
في منشورها، نقلت الدار كلمات أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، حيث قال:
"أن تسامح من أخطأ في حقك ليس ضعفًا، بل قوة! وأن تعفو عمن ظلمك ليس خضوعًا، بل سموٌّ بالنفس. فقد كان النبي ﷺ يسامح من كادوا له، بل ويرفع يديه إلى السماء يدعو لهم لا عليهم."
وأشار إلى أن العفو ليس فقط إحسانًا للآخرين، بل هو نعمة تعود بالنفع على النفس أولًا، إذ يمنح القلب راحة وصفاء داخليًا، مستشهدًا بقوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ} [الحجر: 85].
وأضاف أن النبي ﷺ كان نموذجًا حيًا للتسامح في أسمى معانيه، فقد عفا عن أهل مكة يوم الفتح قائلاً: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، رغم أنهم آذوه وأخرجوه من دياره.
التسامح في الإسلام.. راحة للنفس وسعادة للقلب
يُعد التسامح والعفو من أهم القيم التي دعا إليها الإسلام، حيث أوصى النبي ﷺ بالرحمة والمغفرة حتى مع من أساءوا إليه، مؤكدًا أن العفو يعكس نقاء القلب وقوة الإيمان. كما أن الصفح الجميل الذي ذكره الله في القرآن الكريم هو الصفح بلا عتاب أو غضب، وهو ما يجعل الإنسان أكثر طمأنينة وسعادة.
وقد أكد العلماء أن التسامح لا يعني الضعف أو التنازل عن الحقوق، وإنما هو سلوك نابع من القوة والثقة بالنفس، وهو سبيل لتحقيق السلام الداخلي والتعايش الاجتماعي القائم على المحبة والتقدير المتبادل.
فوائد التسامح في حياة الإنسان
لا تقتصر قيمة التسامح على الجانب الديني فقط، بل أثبتت الدراسات النفسية أن الأشخاص الذين يتحلون بالتسامح يعيشون حياة أكثر هدوءًا وسعادة، حيث يساعد العفو على:
تقليل التوتر والضغط النفسي، مما يحسن الصحة العقلية والجسدية.
تحقيق السلام الداخلي، إذ يحرر الإنسان من مشاعر الكراهية والانتقام.
تعزيز العلاقات الاجتماعية، حيث يقوي الروابط بين الأفراد ويخلق بيئة من المحبة والتفاهم.
غرس القيم الإنسانية الراقية، مما يساعد في بناء مجتمع أكثر تسامحًا وتعاونًا.
التسامح في مواجهة الصراعات المجتمعية
في عالم مليء بالخلافات والصراعات، يُعد التسامح أحد الحلول الفعالة لتعزيز ثقافة السلام ونبذ العنف والكراهية. فقد أثبتت التجارب الإنسانية أن المجتمعات التي تتبنى التسامح تحقق نهضة فكرية واقتصادية واجتماعية أسرع، حيث يؤدي العفو إلى تقليل النزاعات ويزيد من روح التعاون بين الناس.
رسالة مفتي الجمهورية.. دعوة لنشر المحبة والسلام
في ختام منشوره، أكد أ.د. نظير محمد عياد أن التسامح ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو عبادة يتقرب بها العبد إلى الله، ودعا الجميع إلى التحلي بهذه الصفة النبيلة، اقتداءً بالنبي ﷺ، والعمل على نشر ثقافة العفو والتسامح في المجتمع، لما لها من أثر إيجابي على الأفراد والمجتمعات.
كما شدد على أهمية التذكير بهذه القيم في ظل التحديات التي يواجهها العالم اليوم، حيث أصبح التسامح ضرورة لبناء مجتمعات أكثر ترابطًا وانسجامًا.